مجلة صوت القانون
Volume 1, Numéro 1, Pages 73-88
2014-04-16

الحقوق والحريات الأساسية في فقه محكمة العدل الدولية

الكاتب : بوساحية السايح .

الملخص

لا شك أن حقوق الإنسان، وما يتصل بها من حريات أساسية، قد أضحت اليوم من بين الموضوعات التي تحظى بالاهتمام الكبير، سواء من جانب الباحثين في نطاق العديد من فروع العلوم الاجتماعية، أو من جانب الممارسين للعمل العام على اختلاف مواقعهم، وليس فقط على المستوى الوطني للدول فرادى، وإنما أيضا على مستوى العلاقات الدولية عموما. ولا شك، أيضا، في أن هذا الاهتمام المتزايد بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية على المستويين الوطني والدولي، إنما يمكن تفسيره - وخاصة منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين - في ضوء عدد من الاعتبارات، أبرزها، في المقام الأول الاعتبار المتمثل في حقيقة أن الفرد أو الإنسان، الذي قررت هذه الحقوق وتلك الحريات من أجله، ومؤدى ذلك، في عبارة أخرى، أن توفير الضمانات التي تكفل التمتع بقدر مناسب من الحقوق والحريات، صار ينظر إليه في وقتنا الحاضر - وبحق - بوصفه احد المداخل المهمة لتحقيق الغايات المرجوة من أي مشروع أو خطة للتنمية المجتمعية الشاملة على وجه العموم (1). ومن جهة ثانية، فان ما نلاحظه الآن، ومنذ عقود عديدة خلت، بشأن هذا التعاظم المطرد في الاهتمام بحقوق الإنسان - وطنيا ودوليا، إنما يمكن تفسيره أيضا، في ضوء انتشار الكثير من الأفكار والقيم الديمقراطية مع الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان، وما يتصل بها أو ينبثق منها من حريات أساسية (2). في الواقع هذا الاهتمام المتزايد بحقوق الإنسان، وما يثيره من قضايا وإشكاليات، كان من بين الأسباب التي دفعت الكثير من الباحثين، على اختلاف توجهاتهم الفكرية والسياسية، إلى تناول هذا الموضوع والعكوف على دراسته من جوانبه المختلفة، وإلى الحد الذي يسوغ لنا القول أن إسهامات هؤلاء الباحثين تشكل الآن رافدا مهما من روافد النظرية العامة لحقوق الإنسان وحرياته، ومحكمة العدل الدولية شاركت وتشارك في تطوير قانون حقوق الإنسان والحريات الأساسية الذي يعتمد أيديولوجية قضاتها من أجل تقييم مدى هذه الروح في مجال حقوق الإنسان، ويتجلى من خلال الاجتهادات الواسعة (3). السوابق القضائية للمحكمة العدل الدولية توضح عموما بأنه لا يمكن لأي قاعدة من قواعد القانون الدولي تطبيقها دون النظر إلى قيمها الفطرية والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية ومن خلال وحدة قانونها قدمت محكمة العدل الدولية مساهمات كبيرة لتطوير قانون حقوق الإنسان، وبذلك تواصل تقديم حلول لتزايد المشاكل الدولية، معتمدة في ذلك روح التشريع للقانون الدولي المعاصر والذي يكمن في مبدأ حقوق الإنسان وذلك انطلاقا من روح العقيدة ومبدأ وكرامة الإنسان. ومن ثمة فإن قانون حقوق الإنسان هو أكثر من مدرسة لفرع القانون الدولي، واستعداد محكمة العدل الدولية للمشاركة في وضع قانون حقوق الإنسان يعتمد على إيديولوجيتها وقضاتها وهذا من أجل تقييم مدى هذه الروح من خلال فقه المحكمة وآرائها الاستشارية في التعامل مع مسائل حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. عند النظر إلى ما بعد أحداث سبتمبر يمكن أن نرى حقوق الإنسان العالمية بوصفها ذروة الروح الجماعية التشريعية لـ "نحن شعوب الأمم المتحدة"، واهم المواضيع على الساحة الدولية وهذا ما جاء في كلمة النائب السابق لرئيس محكمة العدل الدولية، فالسوابق القضائية للمحكمة العدل الدولية عموما توضح أن هناك سيادة للقانون الدولي يمكن تفسيرها وتطبيقها دون اعتبار لقيمها الفطرية والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان. اجتهادات محكمة العدل الدولية قد قدمت مساهمات كبيرة لتطوير قانون حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، لذلك كانت اشكاليتنا في هذا البحث هي:

الكلمات المفتاحية

الحقوق ، الحريات الأساسية، محكمة العدل الدولية