المجلة الجزائرية للاتصال
Volume 15, Numéro 2, Pages 32-66
2013-12-01
الكاتب : زراري عواطف .
إن الحديث عن علاقة المرأة بالممارسة الإبداعية، هو حديث عن موقع ومكانة وأهمية الإبداع النسوي في المجال الفني من جهة وحديث عن المرأة كمادة للاستهلاك أو موضوع استهوى العديد من المبدعين، وعن المرأة كمبدعة وفاعلة ومنتجة للإبداع من جهة ثانية. من هنا فإننا نسعى إلى مقاربة علاقة المرأة بالإبداع من خلال معالجة العمل الإبداعي باعتباره نتاجا إبداعيا نسويا خالصا ونظرا إلى تعدد المجالات الفنية والأشكال الإبداعية التي بصمتها المرأة بخصوصيات أنثوية من شعر ورواية ومسرح ورسم تشكيلي ...الخ، فإننا سنقتصر على جنس فني واحد استأثر باهتمام المبدعات وبانشغالهن الثقافي ويتعلق الأمر بالفن السينمائي. لابد من الإقرار بأن اختراق المرأة للمجال السينمائي تمثيلا، كتابة وإخراجا هو في حد ذاته تحديا ضد سلطة ما وسنوات في إنتاج صور ومفاهيم ما عن علاقات اجتماعية وثقافية من منظور ما وبالتالي فالاشتغال من أجل خلق فيلموغرافيا نسوية محورها قضية المرأة ببعض تجلياتها وتداخلاتها هو مطلب إبداعي مشروع، يضاهي في مشروعيته حق المشاركة والتعبير في المجالين الثقافي والسياسي عموما وبما أنّ الخطاب السينمائي هو أداة من أدوات التعبير الفني حيث أن من أولى أولوياته صياغته أو تقديم رؤى جمالية في زمان ومكان محددين من أجل طرح قضايا واهتمامات معينة في شروط فكرية واجتماعية ما، فإنّ التمكن من هذه الأدوات هو بحد ذاته محاولة لإعادة تشكيل الواقع وفق بنية سردية ما، فالسرد السينمائي يكون إذن من حقه حينئذ صياغة عالم جديد بعلاقات وقيم مخالفة وعندما تكون المرأة هي محور هذه العملية الإبداعية بدءا من موضوع الفيلم مرورا بطريقة المعالجة الفيلمية ووصولا إلى كيفية إنهاء الصراع الدرامي أو طرح البدائل وإثارة الأفكار، فإن الحق في إنتاج خطاب نسوي من منظور سينمائي يصبح منطلقا ملتصقا بقضية المرأة ليمسي وجها من أوجه التعبير والتحرر. تأتي أفلام العديد من المخرجات الجزائريات كي تبرز كمحطات أساسية في طريق خلخلة نظام اجتماعي تقليدي وكذا التشكيك في الصورة النمطية التي رسمها المخرج الرجل والتي جسدت في شكل قوالب نسوية ظلت في معظمها بمثابة مرآة عاكسة للعقليات التقليدية مرتبطة بالمحور الكلاسيكي حول بيت الزوجية أو ما له ارتباط بالخيانة والحضانة أو الطبخ والموضة، من الصعوبة بمكان الحديث عن حساسية جديدة في الفيلم النسوي إذ يعتبر مشروعا غير مكتمل المعالم، لم تؤسسه بعد تراكمات نوعية يمكن لها أن تشكل تيارا تفرض نفسها على ساحة الإبداع السينمائي، إنّ الأمر لا يتجاوز بعض التجارب الفردية والمتفرقة على مجموع العالم العربي، بالرغم من ظهور بعض الإرهاصات الأولية التي باتت تمتلك من الوسائل الفنية الوعي الاجتماعي ما يسمح لها بأن تحمل منظورا نسويا يمكن أن تتبنى قضية المرأة على مستوى الإبداع السينمائي، فلا يمكننا الحديث عن خصائص ثابتة أو محددة لما يمكن أن نسميه بالفيلم النسوي إلاّ أنه حين نكون بصدد التفكير عن نوع من الحساسية الجديدة في هذا النوع من الأفلام لا بد من أن نثير مجموعة من المظاهر التي باتت تشكل طرق تعبيرها ومضامينها، تظهر هذه الحساسية بعد أن أخذت المرأة على عاتقها كتابة القصة وصياغتها ثمّ تحويل ذلك لسيناريو، ثمّ الوقوف خلف الكاميرا باعتباره انتقالا نوعيا من موضوع للتصوير إلى سلطة تمارس الإخراج وسط محيط من الرجال ممثلين وتقنيين بما يتضمنه ذلك من رؤية للعالم.
سينما- خطاب - نسوية- دلالة- نوع احتماعي.