مجلة الاستيعاب
Volume 3, Numéro 1, Pages 414-433
2021-01-20
الكاتب : مختارية بوسيف .
تعتبر مسألة معهود العرب في الخطاب من المسائل الأساسية التي يبنى عليها فهم الشريعة الإسلامية، خصوصا علم التفسير، وقد اعتبرها العلماء ضابطا منهجيا منذ بداية تدوين العلوم انطلاقا من الشافعي وصولا إلى الشاطبي. وقد كانت عناية الشاطبي بها فائقة لكون هذا الكتاب نزل بلغة العرب فلابد لفهمه أن نسلك طريق معهود العرب في أقوالها وأفعالها معا. ومعهود العرب لفظ يتسع ليشمل جميع القواعد،و الأعراف، والخصائص،والأساليب والمعاني، وجميع أوجه الاستعمال اللغوي الذي عرفه العرب وقت التنزيل، أما"معهود العرب في الخطاب"فهو يعني مجموع الأنماط، والأساليب الخطابية التي عهدها، وعرفها العرب في الاتصال بلسانها العربي، وهو ضابط منهجي، ومعيار أساسي لأي تفسير، أو تأويل، أو دراسة لمعاني القرآن، أو لبيانه النبوي، ويعتبر من الشروط، و الموازين اللغوية الأساسية التي لابد أن يخضع لها الكلام من حيث مبناه، وتحدد تحت ضوئه دلالات الألفاظ، و أطر المعاني. وقد رتب الشاطبي على ضوءه أمورا أساسية منها اعتبار هذه الشريعة أمية، وأن لابد في فهمها من الأخذ بهذا الوصف، فكل علم لم تعرفه العرب مرفوض؛ وعليه فالعلوم التي ذكرت في القرآن الكريم هي من جنس علوم العرب، أو ما ينبني على معهودها.وهو بهذا يقف مع الرافضين للتفسير العلمي للقرآن الكريم، بحجة أن نسبة كل العلوم لكتاب الله تعالى فيه اسراف يجب أن ينزه القرآن عنه، لكن الحقيقة أن مذهب الشاطبي في المسألة مردود من عدة وجوه، من أهمها أن القرآن الكريم إنما جاء لينقل العرب وغيرهم من حال إلى حال أفضل منه، فوصف الشريعة بالأمية لا دليل عليه، وبقاء العرب على أميتهم أمر حاربه الإسلام منذ نزوله عن طريق فرض التعلم.كما وأن التفسير العلمي أصبح في عصرنا الحاضر حاجة ملحة، يستدعيها واقع الدعوة إلى الإسلام في عالم لغة تخاطبه العلم فقط.
القرآن الكريم؛ معهود العرب؛ الشاطبي؛ التفسير العلمي