الحوار المتوسطي
Volume 1, Numéro 1, Pages 166-175
2009-03-15
الكاتب : كلثوم مروفل .
أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو : ما مصدر فكرة الخلاص أو بالأحرى ما دافع البشرية إلى تصور منقذ (sauveur) أو مخلص ؟ وما الهدف المرجو من وراء الاعتقاد في وجود مخلص ؟ ربما الخوف أولى أمهات الاعتقاد بالمُخلص ، وخصوصا الخوف من الموت ، فصراع الذات مع الموت بدا واضحا على مر التاريخ ، فقد كانت الحياة البدائية محاطة بالأخطار وقلّما جاءتها المنية عن طريق الشيخوخة الطبيعية ، لذا جاهد الإنسان البدائي للاعتقاد في طوطم يُخَلِصُهم من الموت ويضمن لهم البقاء ولو لفترة أطول، لكن معنى الخلاص أخذ معاني مختلفة لاسيما في الديانات الوضعية كازرادشتية التي تؤمن بوجود مُخلص يتمظهر في إله الخير "آهورامزدا" الذي سينتصر في اليوم الآخر على إله الشر "أهريمان" ويخلص العالم من الشرور والمفاسد والبوذيين الذين يؤمنون بعودة بوذا إلى الدنيا لتخليصهم من النزوات والشهوات التي تسيطر على نفوسهم ، حتى الديانات السماوية تؤمن بالخلاص كاليهودية التي تنتظر المسيح "مسيا" لتخليصهم من الاضطهاد والظلم الذي يكابدونه وينصر "شعب الله المختار" -حسب زعمهم- ، والمسيحين الذين ينتظرون عودة عيسى عليه السلام ، والمسلمين الذين ينتظرون المهدي عليه السلام ، إلا أن الخلاص يُؤخذ على معنيين : خلاص بفعل مُخَلِص قد يكون إله أو شخص ذو عزم وقوة وخلاص بفعل الذات أي خلاص الإنسان من ذاته بذاته أي من شهواته بفضل اجتهاده المستمر و زهده المتواصل وعزوفه عن الدنيا ، كي يعيش سعيدا وهذا النوع من الخلاص سبق ووجدناه عند البوذيين ، وسنجده في فلسفة ابن باجة لكن من وجهة مغايرة نوعا ما ، فسنجد المُخَلِص – حسب ابن باجة- في ثوب الغريب المتوحد الذي تُعول عليه المدين الفاضلة في حصولها ،كما سنكتشف ذلك من خلال هذا النص .
مملكـة الغرباء الخلاصية - فلسفة ابن باجة - فكرة الخلاص -