مجلة صوت القانون
Volume 1, Numéro 2, Pages 99-114
2014-10-10
الكاتب : نادية آيت عبد المالك .
عرف الإنسان الهجرة منذ القدم و قد ارتبطت في المراحل الأولى بعوامل طبيعية فكانت الدافع لنزوح جماعات الأفراد من مكان تواجدهم إلى أماكن أخرى ، و من أهم هذه العوامل : الزلازل ، الكوارث الطبيعية ، الجفاف ، التصحر . وقد كان الهدف من الهجرة في القدم هو إيجاد أماكن مواتية لتوطين جديد و يتوافر على ظروف أحسن للعيش من المناطق الأولى ، ثم بانتشار الحروب و الغزوات تغير مفهوم الهجرة و أصبح الحديث عن التهجير القسري . و اختلفت الهجرة بالمفهوم الحديث عن الهجرات القديمة فقد ارتبطت بنتائج الرأسمالية المتمثلة في نقطتين أساسيتين كنتيجة لتوسع النظام و تطوره وهي : • اكتشاف الأراضي الجديدة التي أدت إلى تدمير حضارات قديمة و طرد شعوبها • جلب العبيد من إفريقيا بغرض استغلالهم كعمالة رخيصة للعمل في المزارع . و في عصرنا تأثرت أغلب دول العالم بالهجرة غير الشرعية ، فبعد أن كانت قضية الهجرة السرية من القضايا الدولية خلال العقدين الماضيين أصبحت من القضايا التي استحوذت على أهمية خاصة نظرا للتوجهات الجديدة لسياسات الهجرة التي تهدف في بادئ الأمر تحقيق مصلحة البلاد المهاجر إليها و مصلحة المهاجرين أنفسهم ( هجرة انتقائية ) . و فيما يتعلق بمنطقة البحر المتوسط فإن ظاهرة الهجرة غير الشرعية لا تعد ظاهرة حديثة بل كانت موجودة خلال الفترة من 1960 إلى 1970 و ذلك بالتوازي مع الهجرة الشرعية و السبب في ذلك أمرين : • غياب مراقبة الهجرة • الحاجة المستمرة إلى أيدي عاملة ضخمة لاقتصاد أوروبي في بدايته (خاصة في 1974 ) و هو تاريخ التغيير في سياسات الهجرة إلى أوروبا ، وحتى عندما تم إغلاق الحدود مع أوروبا لم تنتهي ظاهرة الهجرة غير الشرعية و ذلك بسبب التفاوت في مستوى التنمية بين دول البحر الأبيض المتوسط و النزاعات المسلحة التي تؤدي إلى تقهقر التقدم الاقتصادي في الجنوب . و عليه فإن سياسات الرقابة الحدودية و سن النصوص التي تمنع دخول دول أوروبا ولدت تزايدا في الهجرة غير الشرعية و اتساعا في عمليات تمرير المهاجرين غير الشرعيين من قبل شبكات قائمة بذاتها تعمل على ضمان تهريب البشر و تنظيم الرحلات ، حيث تحولت الهجرة غير الشرعية إلى مشروع استثماري يقتضي إيجاد مصادر للتمويل من أجل تحقيقها للربح . نظرا لخطورة ظاهرة الهجرة غير الشرعية و عالميتها مما جعلها تصنف في المرتبة الثالثة بعد المتاجرة بالمخدرات و الأسلحة بحسب دراسات اللاجئين لعام 2006 ، لا يمكن لأي دولة مهما كان حجم إمكانياتها التصدي لها وحدها بل لابد من تعاون على جميع المستويات ( الوطنية و الدولية عن طريق التنسيق في مجال التصدي للهجرة غير الشرعية ) ، و هو ما يجعلنا نتساءل عن الإجراءات الوقائية و الأمنية التي تتخذها الجزائر على مستواها المحلي للحد من انتشار ظاهرة الهجرة غير الشرعية و أهم الآليات الدولية المتخذة في هذا المجال ، فماهية الآليات المناسبة الكفيلة بمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية ؟ و هل يمكن تحقيق التعاون الدولي لمكافحة الهجرة غير الشرعية في ظل الظروف التي يعرفها المجتمع الدولي الآن ؟ للإجابة عن هذه التساؤلات ارتأينا تقسيم الدراسة إلى مبحثين ، ندرس في المبحث الأول الآليات المحلية لمواجهة الهجرة غير الشرعية ، وفي المبحث الثاني نتطرق للتعاون الدولي من أجل التصدي للهجرة غير الشرعية
الهجرة غير الشرعية، القانون الدولي لحقوق الانسان