مقاربات
Volume 4, Numéro 4, Pages 232-237
2016-03-28
الكاتب : عبد القادر بن زيان .
افترق دارسو اللغة قديما وحديثا على قسمين : أحدهما: اهتم بدراسة النظام اللغوي وعلاقة عناصره بعضها ببعض دراسة شكلية مفصومة عن سياقها الخارجي (السياق غير اللغوي)، أي: المواقف والظروف التي تستخدم فيها اللغة, ومن ثم فهو لا يعتد بالمعنى المقامي, بل يراه خارج نطاقه ويتميز هذا الاتجاه بعنايته بالشكل أكثر من عنايته بالمعنى، واللغة في نظره لاتدرس بوصفها خطابا بل بوصفها نصا مجردا, إذ لا ينظر فيه إلى جميع القرائن التي تعد روافد تفضي في نهاية الأمر إلى تعيين المراد وإدراك المقصود. ثانيهما: وهو اتجاه يعنى بدراسة الاستخدام اللغوي والضوابط التي تحكمه, ودور المقام أو السياق غير اللغوي, وميزة هذا الاتجاه أنه يهتم بكل من المخاطب والمخاطب والعلاقة بينهما وما يرافق المخاطب من حركات الجسم وتغيرات الوجه ومن يشاركون في الاتصال اللغوي, وبيئة الحدث اللغوي (الزمان والمكان),كما يهتم بقدرة السامع على الكشف عن مقاصد المتكلم, ومدى استجابته لها, وما يستلزمه التواصل من معان مقامية لا يستطيع الجانب الشكلي بمفرده الكشف عنها, وإلى هذا المعنى أشار الأصولي الشاطبي قائلا: "إن علم المعاني والبيان الذي يعرف به إعجاز نظم القرآن فضلا عن معرفة مقاصد كلام العرب, إنما مداره على معرفة مقتضيات الأحوال: حال الخطاب من جهة نفس الخطاب أو المخاطب والمخاطب أو الجميع, إذ الكلام الواحد يختلف فهمه بحسب حالين وبحسب مخاطبين وبحسب غير ذلك,كالاستفهام لفظ واحد ويدخله معان أخر من تقرير وتوبيخ..."( ) . وعلى الرغم مما يبدو من هذه المفاصلة بين هذين الاتجاهين فإنهما متكاملين في دراسة الظاهرة اللغوية, فليس من الممكن دراسة الاستعمال اللغوي دون معرفة قواعد هذا النظام اللغوي، أي: سنن العرب في كلامها ( ), وليس كذلك مجديا الاعتماد على قواعد النظام اللغوي دون النظر في الاستعمال
الخطاب في القرآن الكريم،مقاربة لغوية
محي الدين بن عمار
.
ص 131-150.
الدكتور مخلد إسماعيل سليمان أبو هلالة
.
أستاذ مساعد مالك عبد الكريم مزهر
.
ص 74-87.