مقاربات
Volume 4, Numéro 2, Pages 179-184
2016-01-28
الكاتب : نجيب ربيعي .
لا ريب أنّ واقع مجتمعاتنا المعاصر لا يبشر بخير لما آل إليه حال الأجيال من تشرذم وانحلال على الصعيد الأخلاقي خاصة. فلقد أصبح الإنسان في زماننا هذا يعاني نوعا من الإفلاس الروحي، و قد إمتدّ هذا الانحلال الروحي إلى الحياة الاقتصادية و إنتهى إلى الإلحاد الفكري. وهذه الحالة التّعيسة الّتي تميز مجتمعاتنا هيّ وليدة عدّة عوامل مؤثرة كظاهرة:" العولمة"، وما لها من انعكاسات سلبية سيما على الجانب الديني ، المستهدف في هذا السياق هوّ:" الإسلام "والمجتمع المسلم ، فالعولمة: تسعى بكل وسائلها إلى تشييء و تبضيع الإنسان لتحوله إلى كيان مادي لا يتحرك إلّا في فلك الحياة المادية فتصبح أجيالنا فريسة للكفر والإلحاد، وتفقد كل مقوماتها الروحية لتتجرد في النهاية من هويتها وانتمائها. هذا بالفعل ما تحقق اليوم و نشهد ويشهد الجميع تراجعا للوازع الديني وانتصارا للغة الغرائز على حساب لغة الروح و العقل والحكمة ، فخطاب العولمة لم يكن أبدا خطابا بريئا بل هوّ حامل لقيم هدامة تتنافس فيه قوى الشر في العالم المالكة لوسائل وأدوات هذا الصراع من اجل الهيمنة على البشر في كل العالم وتوجيههم حسب أهدافهم الدنيئة. وإزاء هذا الواقع المرير الّذي تحياه مجتمعاتنا الإسلامية أمسى لزاما علينا أن نتفطّن للخطر المحدق بنا ونستيقظ من غفوتنا لدرء هذا الخطر الداهم الّذي يهددنا في عقر ديارنا. ونعلم أنّه لا تعوزنا القدرة ولا الكفاءة ولا الوسيلة أخوض غمار هذا التّحدي، بل إنّنا نملك الأدوات وهيّ عديدة الّتي تمكننا من تجاوز هذه المحنة وترجيح الكفة لصالح قيمنا الأصيلة النابعة من ديننا الحنيف، ومن بين هذه الوسائل نجد التّصوف وخطابة الديني و الأخلاقي الّذي سنحاول في هذه الورقة البحثية فحص مضامينه وأبعاده القيمية واستخلاص ما يمكن الإفادة به في إصلاح المنظومة الأخلاقية و الاجتماعية الّتي أصابها الخلل بفعل تنامي قوّى الغطرسة المادية العولمية الّتي تسعى إلى إهدار قيمنا الروحية .
الصوفية ،آفاق تفعيل دورها الحضاري،الإصلاح التربوي والاجتماعي
بوكرش بلقاسم
.
بن سالم جودي
.
ص 458-475.