الناص
Volume 4, Numéro 1, Pages 54-70
2008-03-30

القراءة والتلقي بين النقاد الأكاديميين والنقاد الجدد في فرنسا

الكاتب : غسان لطفي .

الملخص

إن الحديث عن القراءة وجماليات التلقي يقودنا بالضرورة إلى إسهامات مدرسة كونستانس Ecole de Constance عبر مؤسسيها هانس روبرت ياوسHans Robert Jauss ووولفغانغ أيزر .Wolfgang Iserهذه المدرسة التي عرفت باسم "مدرسة جماليات التلقي" وجهت اهتمامها منذ البداية إلى المتلقي والدور الذي يلعبه في عملية القراءة وتشكيل المعنى من حيث أن معنى النص لا يتشكل بذاته بل نتيجة تأويل القارئ للمادة النصية ، ورغم محاولات التشكيك التي تعرضت لها ومن ذلك مقولة رينيه ويليك:"لقد انشغل الناس ببقاء الأعمال الأدبية وآثارها وتأثيرها ومن ثم فان الانشغال الحالي بالتلقي ما هو إلا موضة عابرة"، فقد فرضت هذه المدرسة نفسها، من خلال كتب ومقالات المؤسسين، على الأقل كنقلة في مجال الاهتمام بتفاعل القارئ مع النص حيث أن روح المسارات النقدية الحديثة، كما يقول سامي إسماعيل،هي "روح تشكك و مساءلة وفحص وتحليل وتقييم لكل الفرضيات الموروثة"2 وهي تنظر إلى التجربة الفنية كعملية لم يعد يعترف فيها للمبدع بسلطته كخالق للمعنى، بل صار عليه أن يتقبل لعب دور أصغر وهو دور المرسل الذي لا يعلم يقينا هل ستصل رسالته دونما تغيير، مهما كانت كفاءة صياغتها، أما المتلقي فيصبح على العكس،لزاما عليه أن يلعب دورا أكثر أهمية وعناء حيث أنه يشارك في ملء فراغات النص، ويحلل ويفسر الرسالة المنبثة إليه، بل ويفككها، فالقراءة عند الباحثين المعاصرين ليست سلبية يعتقد فيها المتلقي أن معنى النص قد صيغ فلم يبق إلا العثورعليه كما هو، بل هي"فعل خلاق، يضم الرمز إلى الرمز والعلامة إلى العلامة ويسير في دروب ملتوية جدا من الدلالات نصادفها حينا ونتوهمها حينا فنختلقها اختلاقا"3. لكن هل تتفق هذه النظرة الحديثة مع رؤى الفلاسفة والمفكرين والمنظرين للأدب الذين تعاقبوا عبر الزمن؟يبدو أن القارئ كما لاحظ ميشال أوتن Michel Otten كان ذلك المنسي الكبير في نظريات الأدب الكلاسيكية جميعها، إذ أن مدارس النقد الأدبي على اختلافها لم تشمله في اهتمامها، وإذا كان المفكرون والفلاسفة الأوائل قد اهتموا باستجابة الجمهور كأفلاطون وأرسطو وغيرهم فإن نظرتهم إلى رد فعل المتلقي تختلف تماما عن أطروحات النقاد المعاصرين، فلونجينوس Longinus مثلا هدف من دراسة الأدب إلى جعل المؤلف متمكنا من الكتابة

الكلمات المفتاحية

القراءة، التلقي، النقد الأكاديمي، النقاد الجدد، فرنسا