دراسات في التنمية والمجتمع
Volume 7, Numéro 3, Pages 47-66
2022-12-15
الكاتب : قايد سليمة .
عرفت مختلف العلوم الأوروبية تطورا مذهلا خلال العصر الحديث، والذي بلغ ذروته خلال القرن التاسع عشر، وهذا ما جعل الكثير من الفلاسفة ينبهرون بالنجاح الباهر الذي حققته العلوم الوضعية، ويتغنون بالمستوى العلمي الكبير الذي بلغته أوروبا. إلا أنه وخلافا لهم يوجد عدد قليل من الفلاسفة، تفطنوا للجانب السلبي لهذا التطور، وفي مقدمتهم إدمون هوسرل (Edmund Husserl)، الذي اعتبر أن العلوم الأوروبية بالرغم من ازدهارها الذي لا ينكره أحد، تعيش أزمة حادة جدا، فألّف كتابا في غاية الأهمية سماه أزمة العلوم الأوروبية والفنيومينولوجيا الترنسندنتالية، شخّص فيه الأزمة بعمق من جانبها العلمي، وذلك بتحليل أسبابها وتجلياتها المختلفة، دون أن يغفل عن تقديم حلول لها. إلا أن عبقرية هوسرل ستكمن في تتبعه للأزمة إلى أصولها وأسسها الأولى، بحيث لا يكتفي بتوضيح أبعادها العلمية، بل إنه سيكشف أيضا أبعادها الفلسفية والإنسانية خصوصا، فيبيّن أن أزمة العلوم الأوروبية تخفي في أعماقها أزمة الإنسانية الأوروبية، والتي سماها أزمة المعنى، أي معنى الوجود الإنساني، كما أنها أزمة الذات وأزمة الروحية الأوروبية، وأزمة القيم والأخلاق والسياسة والتاريخ، وفي الأخير هي أزمة العقل الأوروبي نفسه. ويقترح لحلها فلسفة خاصة هي الفينيومينولوجيا، باعتبارها العلاج الوحيد الناجع لهذه الأزمة العميقة والخطيرة التي تعصف بأوروبا. وهذا الجانب بالذات من الأزمة هو ما نريد تسليط الضوء عليه في مداخلتنا هاته، وذلك من خلال طرح الإشكال التالي: ما هي أزمة العلوم الأوروبية عند هوسرل؟ ما هي أسبابها وتجلياتها؟ وما هي أبعادها الإنسانية العميقة؟ وما هي الحلول التي اقترحها هوسرل للخروج منها؟
أزمة العلوم، أزمة الضمير، المعنى، الذات، الروحية الأوروبية، العقل. Abstract :