مجلة العلوم الإسلامية
Volume 1, Numéro 1, Pages 43-73
2019-06-30

البعد التّجديدي في فكر العلّامة عبد الحميد بن باديس

الكاتب : عبد الرحمن رداد .

الملخص

ما أظلمت دنيا المسلمين يوماً إلا وظهر رائد يصدق قومه الهداية، ويسير بهم نحو الدرب القويم، ويجدد لها أمر دينها ومن هؤلاء الإمام العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، الذي يعتبر أبرز المفكرين والعلماء الجزائريين الذين عملوا على صياغة الأسس النظرية والعملية للحركة الإصلاحية في الجزائر في ذلك الوقت المبكر من تاريخ الأمة العربية في عصر النهضة. لقد كانت تلك الحركة المباركة - كما يقول مالك بن نبي- التي قام بها العلماء الجزائريون أقرب هذه الحركات إلى النفوس، وأدخلها في القلوب، إذ كان أساس منهاجهم الأكمل قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) . فأصبحت هذه الآية شعار كل من ينطرح في سلك الإصلاح في مدرسة (بن باديس) وكانت أساسا لكل تفكير. فظهرت آثارها في كل خطوة، وفي كل مقال، حتى أشرب الشعب في قلبه نزعة التغيير فأصبحت أحاديثه تتخدها شرعة ومنهاجا، فهذا يقول: لا بد من تبليغ الإسلام إلى المسلمين، وذاك يعظ: فلنترك البدع الشنيعة البالية التي لطخت الدين، ولنترك هذه الأوثان. وذلك يلح: يجب أن نعمل، يجب أن نتعلم، يجب أن نجدد صلتنا بالسلف الصالح، ونحيي شعائر المجتمع الإسلامي الأول. إن جهد هذه الحركة وإن كان يصنف عادة في خانة الجهد الإصلاحي الذي يهدف إلى استعادة صلاح الأمة باستعادة صلاح المسلم، إلا أن هذا الجهد الاصلاحي لم يكن ممكنا ولا أن يلقى الأثر الحسن ويبذر البذرة الطيبة لنهضة المجتمع الجزائري لو لم ينطلق من رؤية تجديدية ومن فكر تجديدي يلامس واقع الناس المتجدد، وإلا لكان مآله الاهمال كحال المصلحين الذين من من قبله والذين طواهم التاريخ وأضرب عن ذكرهم إلا قليلا. لقد كان المنحى التجديدي الذي اتخذته جهود بن باديس واضحا لا لبس فيه سواء في المجال الدعوي أو المجال التربوي أو المجال الاجتماعي غير أن أبرز منحى في رأينا هو ذلك الذي تعلق بالمجال الفكري وهو ما نقصد التركيز عليه في هذا المقال.

الكلمات المفتاحية

فكر؛ تجديد؛ ابن باديس