الوقاية والأرغنوميا
Volume 7, Numéro 1, Pages 8-39
2013-06-15

أهمية التناول النسقي في الوقاية من حوادث المرور

الكاتب : بوظريفة حمو .

الملخص

رغم ما قدمه التطور التكنولوجي من فوائد عظيمة في مجال النقل وقضى بذلك على الكثير من مشاق ومتاعب الإنسانية في هذا المجال إلا أن هذه الاستفادة قابلاتها مشكلة حوادث المرور التي ينتج عنها ضياع الكثير من الأرواح والأموال تعطيل القوى العاملة الشابة التي قد تصل إصابتها إلى حد العجز التام إن لم تكن الوفاة. فقد ساعدت الكثير من العوامل والدوافع الإنسانية، وكذا مختلف النشاطات الاجتماعية والاقتصادية مثل: كثرة المسافرين الاضطرابات الاجتماعية، زيادة عدد السكان، زيادة عدد السيارات وتطورها، استفحال ظاهرة تناول الخمر وتعاطي المخدرات، وبروز بعض المعتقدات والعادات والتقاليد الاجتماعية، إلى جانب كثرة النشاطات التجارية والاقتصادية واتساع أوقاتها عبر النهار والليل وتعدد أماكنها على تفاقم ظاهرة حوادث المرور. خصوصا في ظل الظروف التي مر بها المجتمع الجزائري خلال العشرية السوداء من جهة، ومن جهة أخرى، ومن جهة أخرى فإن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة والسريعة في نفس الوقت التي طرأت على الجزائر بصفة خاصة وعلى العالم بصفة عامة. وما خلفته من انعكاسات على سلوكات الحياة اليومية للفرد والمجتمع، حيث تعقدت الحياة أكثر فأكثر. وأصبحت تقوم على التنافس أكثر مما تقوم على التعاون بغرض اشباع الفرد لحاجاته، مما أدى به إلى وضع أهداف غير واقعية لنفسه. خاصة أمام زيادة الحركة الطبقية في العصر الحديث. كما أن سهولة الاتصال والتنقل قد جعلت التأثيرات الخارجية على الفرد أمرا ميسورا، حيث لم يعد الإنسان يتأثر فقط بما يجري في مجتمعه وداخل وطنه. ولعل من بين ما خلفه هذا التغير السريع والمستمر الذي أصبح أحد سمات هذا العصر، هو النمو العمراني الكثيف إلى جانب الزيادة المذهلة في عدد المركبات ما قابله من تأخر في التطور الموازي للبنية التحتية أو الهياكل القاعدية المخصصة للنقل، رغم المجهودات الجبارة التي بذلت في هذا المجال، أمام نقص التخطيط العمراني وزيادة البناء الفوضوي والعشوائي. الأمر الذي زاد من تفاقم مشكلة منظومة النقل وتأخرها في عملية تأطير وتوجيه مستعمل الطريق لدرجة أنها تكاد تكون عاجزة أمام متطلبات هذا الأخير بصفة خاصة، والحاجة الملحة لشبكة نقل حديثة تساير النمو الاقتصادي والديموغرافي وتواكب التطور الاجتماعي بصفة عامة، ذلك أن التنمية العمرانية المستدامة تتطلب تلازم خطة مستدامة للنقل كذلك. وهذا الأمر مهم خصوصا بالنسبة للدول ضعيفة الدخل أو السائرة في طريق النمو. حيث ترى منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 90% من ضحايا حوادث المرور تحدث بالدول الضعيفة والمتوسطة الدخل، والتي تملك 48% فقط من مجموع المركبات بالعالم. تتوقع منظمة الصحة العالمية بأن إصابات حوادث المرور سترتفع لتصبح في المرتبة الخامسة المؤدية للوفاة سنة 2010. وتعتبر إصابات حوادث المرور أحد الثلاث أسباب الأولى المتسببة في الوفاة بالنسبة للأشخاص الذين يتراوح سنهم بين 5 و 44 سنة. كما أن الأشخاص المعاقين جسديا كنتيجة لإصابات حوادث المرور غالبا ما يواجهون صعوبات وتمييزا والذي قد يؤدي إلى حرمان اجتماعي تربوي، مهني ومالي. بالإضافة إلى أن الكثير منهم سيكون لديه عواقب ومخلفات عضلية كاضطرابات الضغط، والفوبيا، القلق والاكتئاب. وتظهر إصابات حوادث المرور آثارا ومخلفات حادة في الجانب الاجتماعي الاقتصادي بالنسبة لأولئك الذين ينتمون لطبقات ضعيفة الحال مقارنة بالآخرين. كما أن المشاة، سائقو الدرجات والدرجات النارية، والمركبات ذات المحركات والتي لها عجلتان، وكذا ركابهم يمثلون تقريبا نصف ضحايا حوادث المرور (الموتى). وغالبا ما تكون أسباب الحادث متعددة. وانطلاقا من هذا التداخل. هل يمكن اعتبار سبب حادث ما راجع إلى الإفراط في السرعة أم إلى رداءة الأحوال الجوية أم إلى ضعف مستوى الرؤية لدى السائق أم إلى نقص الصيانة وحالة المركبة؟ غير أنه يمكن نسبيا تحديد أحد هذه الأسباب كسبب رئيسي مباشر أو غير مباشر في وقوع الحادث. والمهم هنا هو أن البحث عن أسباب حوادث المرور وتحديد الأهمية النسبية لكل واحد منها يعتبر جد ضروري للتمكن من وضع التخطيط اللازم للقضاء على الظاهرة أو على الأقل التقليل من حدتها والتقدم باتجاه التحكم فيها كلية في أطار التناول النسقي للوقاية من حوادث المرور.

الكلمات المفتاحية

التناول النسقي، حوادث المرور ، السلوكات اللاوقائية، أسباب حوادث المرور