الخطاب
Volume 1, Numéro 1, Pages 176-192
2006-05-01
الكاتب : سعدي إبراهيم .
ينتمي الخطاب الروائي إلى الظواهر الجمالية، وعلى هذا الأساس، وكما يؤكد ألبير ميمي فإن جوهره لا يتمثل في مضمونه الفكري أو الديني أو الأخلاقي أو في كونه أداة من أدوات تغيير الواقع، كما يرى جان بول سارتر أو أتباع الواقعية الاشتراكية أو أفلاطون. فعظمة شكسبير لا تتبدى في ما قدمه للبشرية من أفكار، لأنه لو قيس على هذا الصعيد بما قدمه أي فيلسوف، ربما بدا لنا ضحلا. إن عظمته تكمن في ما جاء به على صعيد خطاب نوعي، هو الخطاب الأدبي، خطاب له خصوصيته، يحقق فعاليته وجوهره من خلال ما ينتجه من انفعالات وأحاسيس وعواطف في نفس المتلقي بواسطة استخدام جمالي للغة. وبالطبع فإن هذا الخطاب النوعي لا يعدم أفكارا أو معلومات، ولكنها لا تحظى بامتياز خاص أو بأولوية ما مثلما أنها لا تعد مقياس القيمة. أما الظاهرة الفلسفية فهي تنتمي إلى مجال الظواهر الفكرية والمعرفية، لكنها تختلف عن تلك التي نحصل عليها بواسطة العلم في كونها اجتهادية وغير يقينية. وهي غير يقينية لأنها تتناول موضوعات لا يمكن إخضاعها للملاحظة والتجريب، ولذلك تخلى عنها العلم. وهذه الموضوعات يمكن تلخيصها في البحث عن العلل الأولى للوجود وعن دور الإنسان وغايته في الكون... ولأن الخطاب الفلسفي خطاب فكري فإن ذلك أمر يجعل مضمونه خاضعا لمعيار الصدق أو الكذب، بينما الخطاب الأدبي بوصفه ينتمي إلى عالم الجمال ينطبق عليه معيار الذوق. لهذا تسري عليه المقولات والأحكام الجمالية كأن نقول عنه إنه " جميل" أو "رائع"، أما أنه صادق أو كاذب فلا3. إن النص في الخطاب الأدبي لا يقدم نفسه بوصفه ناقلا لحقائق بل بوصفه عملا خياليا بهذه الدرجة أو تلك.
--
خلادي محمد الأمين
.
ص 28-41.