عصور
Volume 18, Numéro 2, Pages 27-56
2019-12-24
الكاتب : خديجة دوبالي .
يعد أحمد المقري التلمساني من أعلام القرن الحادي عشر الهجري الموافق للقرن السادس عشر ميلادي، فامكاناته العلمية وثقافته الموسوعية بوأته مكانة كبيرة بين العلماء والمؤلفين المسلمين باختلاف عصورهم، فأضحت مؤلفاته العلمية مثل (نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب)، و(أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض) لا تقل أهمية عن مؤلفات العلماء الأوائل من تاريخ الإسلام؛ ذلك أنه احتذى حذوهم واستنهج سبيلهم. فالواقف على انتاجه الأدبي والتاريخي يلاحظ أنه كان موسوعة تبحر في شتى العلوم، مما سمح له بأن يحتل مكانة بارزة ليس بين علماء جيله فقط، وإنما حتى مع الذين برزوا من خلفه. عايش أحمد المقري التلمساني فترة تمازج فيه انتصار دولة الإسلام في جهة من واخفاقها في جهة أخرى؛ فظهور الخلافة العثمانية كقوة راذعة للحملات الصليبة جعل العالم الإسلامي يتفاذى التهاوي نهائيا، ولكن بالمقابل سقوط الأندلس على يد النصارى الاسبان سنة 1492م شكل صدمة في ضمير العالم الإسلامي عموما، وأحمد المقري على وجه الخصوص. لهذا نجده في مؤلفاته يرثي الأندلس الضائعة، ويؤرخ لمحنة المسلمين هناك؛ وكتابه الموسوم بأزهار الرياض في أخبار القاضي عياض لخير دليل على ذلك. فقد انفرد أحمد المقري عن غيره من المؤرخين أنه اختصر مأساة مسلمي اسبانيا في قصيدة شعر بعث بها هؤلاء إلى السلطان العثماني، إذ اعتبرها وثيقة تاريخية رصدت جوانب كثيرة من محنتهم. فقد كان الغرض الأساسي عند المقري من دراسة هذه الصفحة من تاريخ هذه الأمة الشهيدة ليس سرد المنجزات والتغني بالأمجاد والبطولات، بقدر ما هو تفسير لنسق الأحداث واستخلاص القيم والعبر منها قصد تدارك الأخطاء، وتكوين نظرة شمولية تمكن من استشراف المستقبل، ففي فكر المقري أن نكبة سقوط الأندلس، التي شكلت في أوج ازدهارها منارة حضارية بددت ظلام التخلف والجهل الذي خيم على أوروبا منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية، مصير يمكن تغييره وتداركه.
الكلمات المفتاحية: أحمد المقري- كتاب أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض- الأندلس- مأساة مسلمي الأندلس- السلطات الاسبانية- الخلافة العثمانية- الصراع الإسلامي النصراني في اسبانيا.
بورشاق بشير
.
عواد حمزة
.
ص 96-110.