مجلة الخلدونية
Volume 9, Numéro 1, Pages 270-282
2016-06-01
الكاتب : شادلي هواري .
سادت العقلانية كل نماذج الفهم ومقولات التفكير، واعتبر العقل أساس الحقيقة الذي يكشف المجهول وينبر طريق العلم في فهم الطبيعة والمجتمع،هذا التصور الشامل الذي يؤمن بالعقل إيمانا مطلقاً،أدي إلى ظهور تيار معاكس كشف عن دلالات أخري للعقلانية،بل فتح مجال اللامعقول،وإعادة بناء علاقة بين المعقول واللامعقول وفق تصور يضع المعقول في محك التساؤل الفلسفي النقدي،وحوَل الفكر من الحديث عن العقل الظافر المنتصر كما عبرت عنه تيارات العقلانية الكلاسيكية إلى العقل المنكسر المحدود كما صورته الاتجاهات المعاصرة التي أسست لمعالم فكر فلسفي مختلف تبدلت فيه النظرة إلى نماذج العقلانية وتم إعادة الاعتبار لمقولات التعددية والاعتراف بالخصوصية الفكرية لمجالات توصف عادة باللامعقول كالدين والفن وجميع التقاليد المختلفة. ويعود الفضل في تقديم هذا الطرح لفيلسوف المطرقة "فريدريك نيتشه"، الذي أسس لنزعة تفكيكية رافضة لمشروع الحداثة الغربية القائمة على العقلانية العلمية، في صورتها المادية، إضافة إلى تداعيات أكثر خطورة سجلت على مستوي الفكر تتمثل في انحصار الذات وسجنها داخل إطار نسقي جامد، وبذلك مثلت فلسفة "نيتشه" تحول كبير وضعت كل معارف وقيم الفلسفة الغربية وتصوراتها موضع الشك، واعتبرتها مجرد تأويلات وأوهام سرعان ما تتحول إلى أصنام. كان لهذا الطرح تأثيراً قوياً على فلسفة "بول فيرابند" الذي أبدي إعجابا كبيراً بفلسفة"نيتشه"، واستخدم نفس الطريقة التفكيكية في رفض المنهج الصارم واليقين العلمي واعتبرها وسائل دوغمائية، كانت سبباً في إقصاء معارف أخري، وتقاليد مرتبط بالمجتمع لها أهمية بالغة في تطور العلم.
لا عقلانية، الفوضوية، عقلانية، العلم، الحقيقة، الصيرورة، إرادة القوة.