دراسات في علم الارطوفوبيا وعلم النفس العصبي
Volume 3, Numéro 1, Pages 29-37
2018-03-03

رعایة ذوي الاحتیاجات الخاصة

الكاتب : مسعودة معنصر .

الملخص

یعتبر مستوى العنایة والرعایة بذوي الاحتیاجات الخاصة، معیارا أساسیا لقیاس حضارة الأمم ومدى تطورھا، وتشكل رعایة ذوي الاحتیاجات الخاصة، إحدى أولویات الدول والمنظمات المعاصرة، والتي تنبثق من مشروعیة حق المعاقین في فرص متكافئة مع غیرھم في كافة مجالات الحیاة، وفي العیش بكرامة وحریة . ولقد شھد تاریخ المجتمع الإنساني تحولات عدیدة في نظرتھ الى فئات ذوي الاحتیاجات الخاصة، حیث نظر إلیھم في العصور القدیمة على أنھم مصدرا للشر، اعتقادا بأن الأرواح الشریرة قد دخلت في أجسادھم، وھي التي تحكم سلوكیاتھم وعانوا صنوفا من الاضطھاد لطرد تلك الأرواح، وحیث لم تصلح تلك الوسائل ، فقد كان الخلاص منھم بالعزل أو حتى بالقتل ھي النظرة السائدة في تلك العصور، وبتأثیر التعالیم الدینیة التي سادت في العصور الوسطى، نظر إلى ذوي الاحتیاجات الخاصة، كفئة تستحق الشفقة والعطف، مع استمرار صور الاضطھاد والعزل كامتداد للعصور القدیمة، ومع بدایة القرن التاسع عشر أنشئت في النمسا مؤسسة لتعلیم حالات التخلف العقلي كمظھر من مظاھر البدء بالاھتمام بفئات المعاقین، وتوالى بعد ذلك إنشاء العدید من تلك المؤسسات في بلدان أخرى داخل أوروبا. وفي مطلع القرن العشرین تزاید الاھتمام بذوي الاحتیاجات الخاصة، من خلال التوسع في إنشاء مؤسسات جدیدة تعنى بتعلیم وتدریب ھذه الفئة، وتقدم لھم الخدمات الصحیة والاجتماعیة بشكل علمي إنساني. غیر أن التحول الأبرز ظھر بعد نھایة الحرب العالمیة الأولى لتأھیل معاقي تلك الحب عرفانا بتضحیاتھم، بعد ذلك تزایدت أعداد المؤسسات التي أنشئت لتمكین ذوي الاحتیاجات الخاصة، من الحصول على فرص التعلیم والتدریب وبالتالي فرص العمل. وبسبب الركود الاقتصادي الذي شھده العالم ما بین نھایة الحرب العالمیة الأولى وبدایة الحرب العالمیة الثانیة، تقلصت فرص العمل أمامھم، حیث فقد البعض منھم فرص العمل التي حصلوا علیھا نتیجة للتنافس اللامتكافىء مع غیرھم على فرص العمل المحدودة أمام الجمیع، وبذلك تفشت البطالة في أوساط ذوي الاحتیاجات الخاصة. فقد كانت الحرب العالمیة الثانیة سببا في اتساع دائرة الاھتمام برعایة وتأھیلھم في اوروبا بشكل خاص، حیث تم تعبئة القوى العاملة القادرة على القتال للمشاركة في الإعمال الحربیة، مما أحدث فراغاً ھائلاً في العمل ولم یبقى سوى المسنین والنسا ء وذوي الاحتیاجات الخاصة، للقیام بالأعمال الإنتاجیة لتأمین احتیاجات المجتمع، وإمداد جھات القتال بما یلزمھا، وكان لا بد من تأھیل ذوي الاحتیاجات الخاصة، لسد الفراغ في سوق العمل، ولقد اثبتوا قدرة فائقة على دفع عملیة الإنتاج أثناء الحرب، وبذلك تغیرت النظرة نحوھم باعتبارھم قوة فاعلة، یتوجب تنمیة قدراتھا واستثمار طاقاتھا في مجالات الإنتاج السلعي والخدمي، واعترافا بھذا الدور الذي یمكن أن یلعبھ ذوي الاحتیاجات الخاصة، في حیاة المجتمع، أصبحت برامج رعایتھم وتأھیلھم ضمن أولویات العمل الرسمي والشعبي في تلك الدول، حیث أكدت جمیع القرارات والمواثیق الصادرة عن المؤسسات والمنظمات المذكورة الحكومیة والغیر حكومیة على ضرورة تمتع المعوق بالحق في الحصول على الرعایة الطبیة اللازمة والتعلیم المناسب، وتوفیر الخدمات والتسھیلات التي تساعده في تسییر شؤونھ الخاصة، والحصول على المساعدات المالیة من الدولة لتغطیة جمیع النشاطات والخدمات التي یحتاجھا المعاق.

الكلمات المفتاحية

المعاق-الرعایة-حقوق ذوي الاحتیاجات الخاصة.