دراسات إنسانية واجتماعية
Volume 8, Numéro 1, Pages 45-62
2019-01-16
الكاتب : الزين محمد شوقي .
الاهتمام الفلسفي بالثقافة جاء متأخّراً إلى حد ما، فاقته في الدرس والعناية مختلف العلوم الإنسانية والاجتماعية حيث نجد بعض التخصصات الرائدة في هذا المجال: "سوسيولوجيا الثقافة"، "أنثروبولوجيا الثقافة"، إلخ. لم يعتن الدرس الفلسفي بالثقافة سوى في حالات نادرة، في بداية القرن العشرين، وفي إقليم خاص وهو ألمانيا، حيث نجد من أبرز الممثلين جيورج زيمل وإرنست كاسيرر. لكن ثمة أسماء غير معروفة في هذا المجال اعتنت بدراسة الثقافة بإقحام السؤال الفلسفي في مختلف الدراسات السوسيولوجية والأنثروبولوجية، وأخص بالذكر فرناند دومون (1927-1997)، مفكر وسوسيولوجي كندي؛ ولوتشيان بلاغا (1895-1961)، مفكر وأديب روماني؛ وأخيراً ميشال دو سارتو (1925-1986) مفكر ومؤرخ فرنسي. لم يكن هؤلاء المفكرين فلاسفة بالمعنى الحصري للكلمة، لكن قراءة دقيقة في نصوصهم المخصَّصة للثقافة تُبرز استعمال بديهي لمقولات فلسفية وأنطولوجية. لم يكتفوا بما عرضته الدراسات السوسيولوجية والأنثروبولوجية من أفكار موضوعية حول واقع الثقافة في المجتمع، ولكن غلّفوا ذلك بتساؤل فلسفي ينطوي على الكثير من الخبرة المفهومية. السؤال الفلسفي الوجيه الذي يمكنه ربط هموم هؤلاء المفكرين بالثقافة هو سؤال الإنسان من حيث الموقع-في-العالم ومن حيث الموقف-من-العالم، أي السؤال الأنطولوجي الذي تنفرد به الفلسفة وتدغمه بالسؤال الأنثروبولوجي.
الثقافة، الفلسفة، الأنثروبولوجيا، الأنطولوجيا، الذاكرة، الإنسان.
زروخي عبد الوهاب
.
ص 107-125.