مجلة المواقف
Volume 5, Numéro 1, Pages 81-95
2010-12-31
الكاتب : مـــراد قواسـمي .
لأجل الخوض في أسئلة التّاريخ ومعناه، تجدر الإشارة إلى أن المقصود بالفينومينولوجيا على وجه التحديد هوفينومينولوجيا هوسرل من حيث إنه فيلسوف العقل والعقلانية المحضة بالدرجة الأولى ومدى اهتمامه بالتّاريخ والتّكوين التّاريخي، سواء الإيغولوجي أوالكلّي، مثارة للاستغراب، ولكن الظروف التي مرّ بها العصر الحديث والأحداث التي عايشها هونفسه تدفع إلى القبول بأهمية انعطاف هذه الفينومينولوجيا، نحوالتفكير في التاريخ، إذ يمثّل ظهوره (أي التاريخ) في المرحلة الأخير من فكره إشكالية ذات أهمية كبرى، فالأزمة(Crisis) فعلا تشكّل تهديدًا لمصير أوروبا قاطبة ولابدّ لها من خلاص، وهنا يحوّل هوسرل فلسفته النظرية الخالصة لصالح إنقاذ التّاريخ بحيث يرى في الإيبوخي الكلّي أوالشمولي بما هوالخلاص الأوحد، وفي الفلسفة الترانساندانتالية المعنى الأخير للإنسانية، وهوفي ذلك يعتمد على ما يسميه بتحقيق "النهضة" (Husserl, E. 2005 : 23) بعد ما أحدثته الحرب العالمية من خراب ودمار إنساني شامل، ولهذا لابدّ من "تجديد" النظام العام لمجمل الحقل الثقافي الأوروبي فـ"الحرب التي خرّبت أوروبا والثقافة الأوروبية منذ عام 1914، والتي اختارت منذ 1918، بدلا من وسائل الإجبار العسكري، طرقا أكثر "تهذيبا" منها نفاق الرّوح والبؤس الاقتصادي" (Husserl, E. 2005 :23) الأمر الذي أدّى إلى فقدان الإيمان بقدرات العقل على الوصول إلى الخير والجمال، أي إلى القيم الأصلية المؤدّية إلى السعادة التي يتم استقاؤها من الأسلاف الأوروبيين من أجل نقلها إلى الأمم الأخرى، كاليابانيين مثلا(Husserl, E. 2005 :23) ولأجل الكشف عن المعنى الضائع في زمان الأزمة نسعى لتعرية أسئلة الأصل، المعنى والتاريخ في هذه الفينومينولوجيا، والحال أن السؤال الرئيس هوما دور الأصل في تأسيس رؤية تاريخية للأنا ؟ وكيف تتحوّل فلسفة الكوجيتو، فلسفة العودة الجذرية للأنا الخالص المؤسِّس لكل وجود، إلى فلسفة جديرة بتسمية فلسفة للتّاريخ ؟
الفينومينولوجيا؛ هوسرل؛ العقل؛ العقلانية؛ التّكوين التّاريخي
حلوز جيلالي
.
ص 845-867.