دراسات قانونية
Volume 11, Numéro 23, Pages 119-130
2016-09-01
الكاتب : امينة شريف .
خطـــة الـدراســـة لقد سعى الإنسان منذ وجوده على سطح الأرض إلى تحرره من كافة أنواع القيود والعبودية من أجل حصوله على حريته، وتوفير أكبر قدر ممكن من الحقوق مع أكبر قدر ممكن من ضمانات لتلك الحقوق. فالتاريخ هو عبارة عن مجموعة من أحداث متسلسلة ومتواصلة عن محاولات الإنسان لاسترجاع حقوقه وحرياته والعمل على احترامها وصيانتها. نظرا للانتهاكات الصارخة التي تعرضت لها وحرمانه من حقوقه في كافة المجالات، إضافة على الظلم والقهر والاضطهاد السائد أتذاك(1). غير أن الأحداث التي شهدها العالم بصفة عامة وأوروبا بصفة خاصة أثناء نشوب الحرب العالمية الثانية وما خلفته من دمار وضحايا اللذان فاقا الحدود، نتيجة ذلك، فقد كان الكائن البشري هو الأكثر مساسا بالدرجة الأولى. لذلك عملت الدول الحديثة على تحقيق مصالح المجتمع من جهة، ومصالح الفرد من جهة أخرى. إلا أن هذا ليس بالأمر الهين، لأن التوفيق بين المصلحتين أمر جد صعب. لذا كان الفكر الشيوعي يغلب المصلحة العامة على مصلحة الفرد. وبالتالي فإن المتضرر هو هذا الأخير، والأكثر مساسا من حيث الحقوق والحريات. ونتيجة هذا الضرر، أصبح الاهتمام الدولي ينصب على مسألة حماية حقوق الإنسان، وضمانات التي ينبغي توافرها لذا الغرض. فأمام تضارب حقوق المجتمع مع حقوق الإنسان، فإن حقوق الإنسان هي التي تعلو. طالما اعتبرت أنها قضية هامة تشغل العالم بأسره، لاسيما عمل الأمم المتحدة التي تعمل جاهدة من أجل تحقيق الرخاء التام، واحترام حقوق الإنسان باعتبارها مسألة أولية من بين الأهداف الأساسية التي تسعى إليها منظمة الأمم المتحدة(2). بعدما أن أصبحت قضية حقوق الإنسان ملكا مشاعا وهمّا مشتركا، بل هي جزء لا يتجزأ من القانون الدولي المعاصر. تثبت للإنسان بمجرد ولادته لأنها لصيقة بشخصيته، حتى وإن أتى الفاعل بفعل يحضره القانون. ومن هذا المنطلق وجب على القانون صيانة حقوق الفرد المرتكب للجرم، أو محل المتابعة في إطار يسمى "الحق في المحاكمة العادلة". إذ يعرف بأنه إمكانية مقاضاة الفرد بشأن الاتهام الجنائي الموجه إليه أمام محكمة مستقلة محايدة منشأة بحكم القانون قبل اتهامه طبقا لإجراءات علنية يتاح له من خلالها الدفاع عن نفسه مع تمكينه من مراجعة الحكم الصادر ضده من قبل قضاء أعلى درجة من المحكمة التي حكمت عليه(3). انطلاقا من هذا التعريف يتضح أن الحق في المحاكمة العادلة يقوم على معايير محددة مسبقا. فقد قننها القانون الدولي و التزمت بها القوانين الوطنية، لأنها تمثل الحجر الأساس للمحاكمات العادلة حتى لا يحاكم المتهم ظلما. فالتساؤل يثور حول ماهية تلك المعايير وهل يجب الالتزام بها في زمني السلم و الحرب؟. لقد حددت المواثيق الدولية(4) معايير المحاكمة العادلة التي تراعى وتحضى بعناية تامة وقت السلم والحرب. لأنها ذات سمة عالمية ومحور الأمم المتحضرة. فالغاية المبتغاة من جراء ذلك هي تحقيق العدالة ليس التطبيق الحرفي والفعلي لقواعد القانون الدولي وإنما إقامة التوازن بين الأطراف. لأن مهمة الإنصاف تنحصر في بيان مركز القوي والضعيف(5). لهذا ستقتصر الدراسة على المعايير التي جاءت بها الصكوك الدولية، فمنها ما هو متعلق بالقضاء، ومنها ما تعلق المحاكمة، ومنها ما تعلق بالشخص محل المتابعة أي المتهم.
معايير المحاكمة العادلة في زمني السلم و الحرب
العربي بوكعبان
.
ص 141-153.
وئيل العياط
.
ص 132-146.
عثامنية كوسر
.
ص 1040-1051.