Al Athar مجلة الأثـــــــــــــــر
Volume 7, Numéro 7, Pages 109-120
2008-05-01
رواية أولاد حارتنا والأنماط الأولية
الكاتب : غنيم غسان .
الملخص
أثارت رواية"أولاد حارتنا"للكتاب الكبير نجيب محفوظ زوبعة كبيرة حين صدورها...فقد طمحت الرواية إلى تقديم رؤية شاملة لتاريخ المنطقة العربية بأسلوب روائي جميل. أرادت أن تقول: إن الصراع في منطقتنا يتأجج ويستعر بسبب استئثار فئة قليلة بالناتج الوطني أو القومي – "الوقف" من منطقة الرواية – على حساب الفئات الأوسع. ولا يعود التوازن النسبي إلى المجتمع إلا بعد عملية صراع يقودها رمز من الرموز ، ويمثل نجيب محفوظ لهذه الرموز بالأنماط الأولية التي رسخت في الذاكرة الجمعية أو في اللاوعي الجمعي الذي يختزل مجموعة أعمال هذه الرموز ويتمنى عودة زمانها بشكل "يوتيبي " رغبة في استعادة العدل والتوازن المفقودين. ثم يتجلى الصراع عن تركيب جديد . وترجع الأمور عبر أسطورة العود الأبدي التي لا تفتأ تتكرر في أزمنة وحقب يستعيدها التاريخ البشري. إنها رواية فذة توسلت الأنماط الأولية التي تشكل جزءا من ذاكرة الجماعة الإنسانية وعلى الأخص في منطقتنا العربية في محاولة إنشاء معي حقيقي للصراعات القائمة واستخلاص مقولات تحاول تلخيص آلية الصراع وبعض مفاتيح الحلول ...وفق رؤية جدلية ترى الحل في العلم نبي هذا العصر الذي لا يموت. ودراستنا تقوم على التحليل بشكل أساسي وليس على مجرد التجميع وهذا ما جعل مصادرها ومراجعها قليلة لتصنيف أشياء في فهم هذه الرواية الإشكالية ولتنصفها وتنصف مبدعها بعيدا عن أية أفكار مسبقة حولها وحول مبدعها. حضور الأنماط الأولية في رواية "أولاد حارتنا" تحوّل الكاتب الكبير نجيب محفوظ بعد مرحلة الواقعيّة الطبيعية التي عالج من خلالها الواقع ، إلى مرحلة تفسير هذا الواقع وتحليله ودراسته عبر وسائل فنّية ابتدعها ، ووصل من خلالها إلى مرتبة فنّية وفكرّية عالية جدّا. وقد تجلى ذلك في العديد من رواياته المتأخرة من مثل "أولا حارتنا" موضوع دراستنا و" الحرافيش" وسواهما ، حتى أنه حين سؤل مرة عن أهم روايته وأقربها إلى نفسه ؟ ...أجاب : إنها " الثلاثية " و " أولاد حارتنا و "الحرافيش "... وتعد " أولاد حارتنا"رواية من بين أهم روايات هذا المبدع الذي كرَّس حياته لفنِّ الرواية ، فابتدع فيه أشكالاً جديدة وابتكر أساليب حديثة دفعته إليها تجربته في ميدان مزاولته هذا الفن . ولدى قراءة هذه الرواية الفذة ، لابد أن نتذكر فكرة الأنماط الأولية أو ما دعاه "يونغ" بالنموذج البدئي تلك الصورة الأولية ، والراسب النفسي لتجارب لا تحصى لدى عرق أو نوعٍ واحد . يقول "لسلي فيدلر":في ( قناع حياة الفنان والأقنعة المتضاعفة لعمله ، يعبر الفنان للمجتمع كلّه عن المعنى الشعائري لنفوس أفراده المفكّكة . إن الفنان لا يمضي في سبيله " ليعيد خلق وعي عرقه " ولكن ليسترد لا شعور هذا العرق ).(1) ويقول أيضا : ( إن الفنان قادر أن يعود بنا إلى صميم لا شعوره حيث يتوحد معنا كلنا في حضرة آلهتنا القديمة ، وأبطال الحكايات الذين نظن أننا لم نعد نؤمن بهم...)(2) إنها الأنماط التي تنطوي على مغزىً كونيِّ عام ، تلك الصور الراسخة عميقا في النفسي البشرية والتي حملت معاني كثيرة في الماضي ، وأعطت الكثير. ويغلب أن تتجلى الأنماط الأولية من خلال عملية لا شعورية لدى المبدع ، وقد لا يكون الفنان على وعي تام بما ينتج من حيث تلاؤمه مع النموذج الأولي فيأتي إبداعه متوافقا مع تلك النماذج التي اختزنتها الذاكرة العرقية ،فالإنسان الأول ما زال كامنا في كل منا بشكل من الأشكال . ولكن، قد يقوم الفنان بإعادة إنتاج هذه النماذج الأولية عامدا متعمّدًا ، وهو يقصد بذلك الوصول إلى مغزى ما ، أو ابتداع قضية جاذبة ، فيثبت معرفتنا الخاصة بحياتنا الداخلية والخارجية .
الكلمات المفتاحية
*****
مقالات مماثلة
أحمد مرين
.
بشير خليفي
.
ص 75-90.
