مجلة اقتصاديات شمال افريقيا
Volume 4, Numéro 5, Pages 343-367
2008-01-01
الكاتب : أحمد رباحي .
يعرف عالم اليوم تحولا عميقا في شتى مجالاته المتفاعلة، الاقتصادية منها والسياسية والثقافية والقانونية، ومن جملة هذه التحولات زيادة معدل الطلبات على السلع والخدمات، أدى بصورة آلية إلى تغيير حقيقي في أنماط الممارسات التجارية. وكان من نتائج ذلك أن برز وتعمق المركز القانوني لاثنين من أهم الأشخاص الفاعلين في الحياة الاقتصادية، وهما : المحترف الذي يمكن أن يطلق عليه وصف الشخص القوي المتفوق اقتصاديا، والمستهلك الذي يوصف بالشخص الضعيف. وهذا التصوير لأطراف الحياة الاقتصادية عموما، والعلاقات التعاقدية خصوصا ليس بدعا ولا تزيدا، بل إنه تصوير ونتاج واقع أفرزته العلاقات المعاصرة هز بشكل جدي العقود من حيث توازنها وما ينبغي أن يتوافر فيها من عدالة بين أطرافها. ولعل من أبرز ما استعمله المحترفون سلاحا ضد طائفة المستهلكين هو فرضهم لجملة الشروط التعسفية في العقود التي تجمعهم مع المستهلكين من خلال ما يقدمونه لهم من سلع وخدمات لا غنى لهم عنها. حتى أضحت اليوم تلك الشروط معضلة عالمية حاولت التشريعات الحديثة مكافحتها والحد منها، بما تصدره من قوانين تحظرها، وتخول من خلالها للسلطة القضائية الحق في تعديلها أو إلغائها ولو اقتضى الأمر المساس بالقواعد الصلبة كقاعدة " العقد شريعة المتعاقدين " و " القوة الملزمة للعقد ". وفي هذه الدراسة نحاول البحث في أثر التفوق الاقتصادي للمحترف في فرض الشروط التعسفية، وهل يجب اعتماد هذا التفوق معيارا لتحديد طبيعة الشرط التعسفي ؟ وسنتولى بحث هذا الإشكال في القانون الفرنسي للاستهلاك، والقوانين العربية، والقانون الجزائري تباعا، على أننا ابتداء سنعرف الشروط التعسفية لدى الفقه والتشريع، ليكون ذلك سبيلا ومسهلا في بحث ما نحن بصدده.
التفوق الاقتصادي
بركات كريمة
.
ص 524-551.