Annales de l’université d’Alger
Volume 20, Numéro 2, Pages 102-143
2011-11-30

ولاية الدولة الرقابة على الوقف.. الأحكام الفقهية والأبعاد المقاصدية

الكاتب : حسين عقيلة .

الملخص

يعتبر الوقف من خصوصيات الدين الإسلامي في الاهتمام بالمال كمقصد شرعي ضروري. وفي الاهتمام بالخير والتكافل الاجتماعي وصيانة المجتمع من الفقر. .وقد أخذ الوقف في التاريخ الإسلامي أبعادا؛ حيث أصبح الرافد المالي والتمويلي الكبير للمشاريع العلمية والخيرية والصحية والدينية،والمشاريع الاقتصادية والزراعية.وكانت المؤسسة واضحة الجوانب من الواقف إلى الموقوف عليه،إلى ناظر الوقف الذي يقوم عليه إلى القاضي الذي يعينه،إلى الولاية والرقابة عليه والنصوص الشرعية والآراء الفقهية التي تحدد العمل الوقفي واضحة،وكذلك النصوص القانونية في الوقت الحالي . فخصوصية المؤسسة خارجة عن نطاق الدولة وھي لا تتولى النظارة المباشرة على الأوقاف إلا في أحوال مخصوصة كشغور الوقف عن النظارة. وإنما تتولى الإشراف على نظار الوقف وإدارتهم لشؤون الأوقاف الداخلة تحت نظارتهم. والأموال الموقوفة لا تدخل في الخزانة العامة للدولة، إلا في حدود الأموال الوقفية التي تمول الموازنة العامة للدولة، والدولة تدير هذه الأموال نيابة عن الأمة .إن صرف ريع الوقف يلتزم فيه شرط الواقف بإراداته المستقلة ولا سلطة للدولة على إلزام الواقف بتوجيه ريع وقفه لمصرف معين. يستثنى من ذلك حالات تعارض شرط الواقف مع قوانين الدولة. وللأوقاف دور كبير عبر التاريخ الإسلامي وفي البناء الحضاري والتنموي للدول وتلبية حاجات المجتمع المتنوعة ودعم البرامج النافعة لعموم الناس . قامت الأوقاف بتمويل العديد من الحاجات والخدمات الأساسية والعامة للمجتمع مما يخفف العبء على ميزانيات الدول، وأصبح مؤسسة قائمة بذاتها لها مواردها أو مشاريعها و رأسمالها و تخططيها،و كان الوقف هو و المقاصد و لا الاجتهاد يسع كل هذه التحولات التي سايرتها مؤسسة الوقف عبر الزمن وتعقيدات الحياة، ومواكبة متغيرات العصر وتلبية حاجاته المعاصرة إلى الإفادة من الوقف وتطوير آلياته وابتكار صيغ تتناسب مع الاقتصاد المعاصر وتراعي الأحوال والظروف الاجتماعية والتوعية والتثقيف؛ لتحفيز الناس على المشاركة في الأوقاف لضمان استمرارها وقيامها بدورها المنشود وسواء أكان هذا التطوير في صورة الموقوف أم صيغة الوقف أم في طريقة إدارته واستثماراته أم في مجالات صرف ريعه. والوقف أمانة وحق للغير تشرف الدولة علیه وعلى من تولیه على هذه المؤسسة.وقد دلت الشواهد التاريخية أن الوقف تعرض للاستيلاء والتغيير والاستغلال الشخصي عندما يغيب الوازع الديني، وتقل الرقابة الشرعية خاصة، ولا يحفظ الوقف وما ينتج من استثماره من أموال طائلة إلا برقابة قوية يجتمع فيها وازع الدين والضمير والسلطان .وعندما يصبح الوقف مؤسسة، يصبح خاضعا بالضرورة للولاية والرقابة والقانون والقضاء والوزارة وغيرها من هياكل الدولة الحديثة،واتفق أصحاب المذاهب الأربعة على أن وظيفة الوالي على الوقف هي حفظ الوقف، ورعاية منافعه. وكذا يقوم الوالي بدفع كل ضرر متوقع عن عين الوقف و يخاصم فيه، ويضع يده على الوقف ويعين في وظائفه؛ لأن ذلك من مصالح الوقف. نظام الحسبة،ورقابة الولاة والأئمة والمسئولين،ورقابة ولاية المظالم على الولاة، ورقابة مجموع المسلمين أو الرقابة المجتمعة أو الشعبية . ومنها رقابة الإنسان على نفسه وهي ما يعرف بالرقابة الذاتية؛تكييفات الفقهية للرقابة الشرعية اختلف العلماء المعاصرون في التكييف الفقهي للرقابة الشرعية لأن الأنشطة التي تقوم بها هيئة الفتوى والمتابعة الشرعية متنوعة، فهي تشبه من وجوه عمل المفتي والمحتسب والوكيل والأجير، وفيما يلي إيجاز ذلك. هيئة الإفتاء: إن تكييف عمل هيئة الفتوى على أنه إفتاء مأخوذ من اسمها، ومن بعض أعمالها، فهي تقوم بالإجابة على الأسئلة والاستشارات والاستفسارات من المؤسسة المالية التي تتبعها. الحسبة: لما كانت هيئة الفتوى والمتابعة الشرعية، تقوم بممارسة دور رقابي على الأنشطة التي تقوم بها المؤسسة المالية التي تشرف عليها، كان عملھا الرقابي ھذا شبیھا بما يقوم به المحتسب في السوق. حرص الفقهاء على بقاء الوقف وديمومته ناقشوا واختلفوا في قضية الولاية عليه، وقرروا إسنادها إلى أقوى وأعدل جهاز وأكثر استقلالا في تاريخ الدولة الإسلامية وهو القضاء الشرعي. وإلى الواقف لأنها الأكثر حفظا له، ولا يتصور منه تضييع وإهمال صدقته . لا يملك الحاكم التصرف بوجود الناظر لأن الولاية الخاصة أقوى من العامة، ومؤسسة الوقف تحقق قصر خط السلطة وانخفاض عدد المستويات التنظيمية الإدارية فهي مكونة من: القاضي، الناظر، العاملين. وهذا ما تحث عليه الإدارة الحديثة والمنظرون لها. اختيار النظار ومتولي الأوقاف على أسس أخلاقية وخبرة مهنية وثقافة شرعية هوالتأسيس الحقيقي للرقابة بمختلف أنواعها الذاتية والإدارية والمالية والشرعية... وقد بنا المسلم حضارة بوقفه وحقق عناصرها الثلاثة :الإنسان الواقف + التراب وهو العقار الوقفي +الوقت وهو مدة بقاء الوقف. لم تتطور الرقابة في مؤسسة الوقف بالشكل الذي شهدته التطورات الكبيرة في نواحي الإدارة والتسيير العصري، وبقي الوقف حبيس ناظره الذي ضيع الأمانة في أكثر الأحوال، ولم يعد الحكم الذي أقره الفقهاء بأن الناظر أمين فله مطلق التصرف ولا يضمن؛ تصلح لهذا الزمان. كما أنهم لم يطوروا نظاما رادعا وفعالا للمحاسبة والرقابة الفعلية على أداء النظار .إن النظام الرقابي في الإدارة الوقفية كما أسس له الفقهاء يقوم على مبادئ وقواعد أخلاقية عامة؛ شملت الشفافية ومحاسبة الناظر و مساءلته من غير إغفال أنه أمين وليس ضامن، وفد كان هذا الحكم نافعا في القرون الخيرة ولكنه في زماننا لا ينطبق إلا قليلا جدا. تطوير نظام الرقابة بكافة أنواعه وتفعيله في الواقع .

الكلمات المفتاحية

الوقف; الولاية ;الرقابة ;النظارة ; القضاء; الفتوى