الممارسات اللّغويّة
Volume 2, Numéro 4, Pages 81-92
2011-12-01
الكاتب : زاهية راكن .
لقد بعث الله سبحانه وتعالى محمدا صلى الله عليه وسلم بدين الإسلام، وجعل معجزته القرآن الكريم، وهي المعجزة اللغوية الوحيدة بين معجزات الرسل عليهم السلام، وقد تبوّأ القرآن الكريم مكان الصدارة عند أرباب اللغة والبيان، ومن ثمّ اعتبره الباحثون قديما وحديثا أهمّ حدث في تاريخ هذه اللغة ، وبدا أثر هذا الحدث واضحا في لغة الحديث النبوي الشريف، ونستطيع أن نلاحظ هذا الأثر بسهولة في مجيء القرآن الكريم بأصول الدين الإسلام وأحكامه مجملة دون تفصيل، ثمّ تولّت السنة النبوية الشريفة تفصيل ذلك وبيانه، لقوله تعالى﴿وَََََََأَنْزَلْنَا إلَيْكَ الذّكْرَ لتُبَيّنَ للنّاس مَا نُزّلَ إلَيْهمْ﴾ سورة النحل/ 44، فالقرآن الكريم مثلا لم يذكر التكاليف العملية التفصيلية، بل هو لم يبيّن المعاني المرادة لكثير من الألفاظ التي تحمل هذه التكاليف، فضلا عن بيانه كيفية أدائها، مع أنّ هذه الألفاظ كانت تحمل معاني جديدة لم يكن العرب يعرفونها من قبل، ولعلّ أبرز مثال على ذلك ألفاظ: الصلاة، والزكاة، والحج...، مع أنّ هذه الألفاظ كانت تبيّن الأركان العملية للدين، فجاءت السنّة النبوية الشريفة تفصل أوقات الصلاة وكيفياتها، كما فصلت القواعد والأسس التي يجب إتباعها في أداء الزكاة وكيفية إخراجها . والصلاة والزكاة نموذجان لما تناولته السنة النبوية بالبيان والشرح، حتى أنّه ليصحّ لنا القول: أنّ السنة النبوية تبيّن المراد من ألفاظ القرآن الكريم بيانا لغويا، كما أنّها توضح المفاهيم الأخلاقية والاجتماعية والإنسانية، وتبيّن السلوك المترتب على هذه المفاهيم الجديدة التي أتى بها القرآن الكريم ممّا جعل الخلاف ينشب بين العلماء في جواز تفسير ألفاظ القرآن الكريم بكلام العرب من شعر ونثر. وكان أبو عمرو بن العلاء(ت 154ﻫ) يرى أنّ فهم لغة القرآن الكريم وتدبّر معانيه غاية كلّ مسلم، وأنّ ما حفظ من شعر العرب ونثرهم ينبغي أن يكون أداة فهم لغة القرآن الكريم، لأنّه إنّما نزل بلغتهم، وعلى هذا النهج ألّف أبو عبيدة معمر بن المثنى(ت 209ﻫ) كتابه(مجاز القرآن)، مقلدا لعبد الله بن عباس(ت 68ﻫ) رضي الله عنه، فقد روى السيوطي في الإتقان أنّ ابن عباس كان جالسا بفناء الكعبة وقد اكتنفه الناس يسألونه عن تفسير القرآن، قال نافع بن الأزرق لنجدة بن عويمر: قم بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن بما لا علم لديه، فقاما إليه، فقالا: إنّا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسرها لنا، وتأتينا بما صدقه من كلام العرب، فإنّ الله تعالى إنّما أنزل القرآن بلسان عربي مبين، فقال ابن عباس سلاني عمّا بدا لكما. فقال نافع: أخبرني عن قول الله تعالى﴿عن اليَمين وَعَنْ الشّمَال عَزين﴾؟
الدلالة، تطور دلالي، لغة الفقهاء، مصطلحات اسلامية، الصحابة، النقل، الحضارة
بوزنادة آمال
.
بوزغاية رزيق
.
ص 270-280.