دراسات تراثية
Volume 13, Numéro 1, Pages 5-30
2019-12-31

النقوش الجدارية الآشورية: مصدرا لدراسة تأريخ الشرق الأدنى القديم "911-612ق.م"

الكاتب : إبتهال عادل إبراهيم .

الملخص

لم يكن العالم ليعرف في الحضارات القديمة ومنها حضارة بلاد الرافدين، أشياء يعتد بها فكانت مقتصرة على أخبار متفرقة، ونتف واشارات تاريخية ورد بعضها في الكتاب المقدس (العهد القديم). وبعضها الآخر من مؤلفات المؤرخين اليونان والرومان (الكتاب الكلاسيكيين) وذلك قبل الكشف عن الآثار؛ فاسفرت التنقيبات عن اكتشافات جدا مهمة وغير متوقعة، وبعد تطور علم التاريخ ووسائل ومناهج بحثه وتوافر اعداد هائلة من الوثائق والقدرة على فك رموز لغات الشعوب القديمة مكنتنا من التعرف على اروع صفحة من تاريخ تلك الحضارات، فكانت رقم الطين والمسلات والمدونات والألواح والنصب التذكارية والنقوش الجدارية "موضوع البحث" من الآثار المكتشفة مصادرا للمؤرخين والباحثين والمؤلفين في شتى مواضيع المعارف الانسانية يرجع الفضل في تعرفنا تفصيليا على تاريخ العراق بوجه خاص وتاريخ الدول المجاورة له بوجه عام وتأسيساً على ما سبق جاءت دراستنا في محورين يسبقهما تمهيد. عالج المحور الأول: البدايات الأولى لظهور وتطور النقوش الجدارية، فقدجرت العادة في العصور الأولى ان تقام المسلات والنصب التذكارية في أماكن مختلفة من البلاد وبمرور الوقت ومع انتشار الكتابة المسمارية انتشاراً واسعاً تطورت صناعة النصب والمسلات والتماثيل واالنقوش الجدارية وزاد استخدامها زيادة كبيرة. والمتتبع لتاريخ الآشوريين في عصورهم المختلفة يذهل من كثرة المخلفات المادية التي تركوها والتي تشكل حالياً اهم وأروع ما تمتلكه المتاحف العالمية الشهيرة من آثار كما ان المدن الاشورية المكتشفة وجميعها تقع في مدينة الموصل تعد من أهم المدن العراقية المكتشفة من حيث ضخامتها وفخامة ابنيتها وكثرة اثارها الباقية كنينوى وتربيص وآشور ونمرود (كلخ) وخرسباد (دور – شروكين). ومن هذه الآثار المكتشفة كانت النقوش الجدارية التي كانت تزين القصور الاشورية وما تعكسه من مشاهد وأخبار الحروب والانجازات السياسية والعسكرية حيث تنقل لنا مشاهد مختلفة من حياة الملك في بلاطه ومعاركه العسكرية وعلاقة الآشوريين مع الدول المجاورة، هذا إذا ما اخذنا بنظر الاعتبار أن النقوش الجدارية واجهات ملكية يشرف عليها نحاتون وكتبة متخصصون ويقيمون في القصر الملكي وهناك تدقيق على ما ينقشونه ويكتبونه فضلا عن عرضها على الملك شخصيا للاطلاع عليها قبل عرضها. المحور الثاني: فقد عالج الأسباب والدوافع التي كانت وراء توجه الآشوريين إلى تزيين جدران قصورهم بالنقوش الضخمة هو توفر مواد الخام الصالحة للنحت وطريقة تنفيذ تلك النقوش فقد كان الفنان الآشوري يصاحب الحملات العسكرية ويقوم برسم مسودات لتفاصيل المعارك وعند عودته إلى بلاده يبدأ بنحت تلك المشاهد على النقوشح الجدارية في القصور الاشورية؛ودرج الفنان الآشوري على العمل بموجب قواعد ومواصفات لم يحيد عنها إلا في الندرى، فقد قسمت النقوش التي زينت قاعات الاستقبال إلى قسمين متوازيين : القسم الاعلى تغطيه كتابة مستفيضة تكرر نقشها في عدة ردهات على التوالي وهي تشتمل على حوليات العهد القائم وما جرى فيه من أحداث، دونت بحسب تاريخ وقوعها بالإضافة إلى اخبار المعارك التي نشبت في الحملات العسكرية الأولى، مدونة بحسب موقعها الجغرافي أما القسم الأدنى فيقص علينا في مسلسل من الرسوم والمشاهد المصورة ما روته لنا متون القسم الأول من أحداث تاريخية ومعارك حربية؛ فترتبت على ذلك ان جعل الآشوريين من هذا فناً تاريخياً زخرفياً في آن واحد يخدم أغراضا دعائية إعلامية في تمجيد الملوك وأعمالهم وتمثيل فتوحاتهم وتبالغ في بيان العقوبات والمصائر التي كانت تنتظر المتمردين إن هم تمرّدوا على السلطة المركزية.

الكلمات المفتاحية

النّقوش الجدارية؛ الآشوريون؛ القصور الآشورية؛ الشرق الأدنى؛ التاريخ القديم.