التراث
Volume 9, Numéro 1, Pages 167-181
2019-03-15
الكاتب : يوسف سرطوط .
حظيت أعراف الناس وعاداتهم بقدسية كبيرة في المجتمعات القديمة قبل الإسلام ، فكانت هي القوانين المبجّلة التي يجب طاعتها ويُمنع منعًا باتًا مخالفتها ؛ وبهذا أصبحت الحَكَم في النزاعات والخصومات ، والقاضي بين الأفراد والجماعات . وحينما جاء الإسلام وجد مجتمع الجاهلية كغيره من المجتمعات في تلك الفترة ، مليئًا بالعادات والتقاليد التي تركها الآباء فحافظوا عليها ، بل تشددوا وغلوا فيها ، وكان من ضمن تلك العادات عادات قبيحة فنهاهم عنها كما قال تعالى : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [المائدة: 104] ، وفي بعضها الآخر أعراف طيبة تدعو إلى ما جاء به النبي من مكارم الأخلاق فأقرّها . وما هذا الإقرار لتلك الأعراف إلا دليل على مراعاة الشريعة لمصالح الناس ورفع الحرج والمشقة عنهم ، تحقيقًا لمقصد الشريعة الأعظم : (جلب المصالح ودرء المفاسد) . بل تعدى الأمر إلى إحالة كثير من أحكام الشريعة إلى العُرف السائد بين الناس ، كمقدار النفقة على الزوجة والأولاد ، ومقدار متعة المطلقة ، ومقدار المهر ، وغيرها كثير مبثوث في كتب الفقه . كما أجمع الفقهاء على مراعاة أعراف الناس في الفتوى ، وتغيير الأحكام الشرعية المبنية على العُرف متى ما تغيّر العُرف ، وشنّعوا على من بقي جامدًا على فتاوى السابقين في هذا المجال . ويأتي هذا البحث لدراسة (العُرف وأثره في تغيّر الأحكام والفتاوى ، وتحقيق مقاصد الشريعة) وفق الخطة التالية : مقدمة ، ثم مبحث أول لبيان معالم العُرف في الشريعة الإسلامية : فحددت تعريف العُرف وأقسامه ، ثم حجّيته وشروط اعتباره ، ثم تعرضت في المبحث الثاني لتغيّر الأحكام والفتاوى بتغير العُرف : فبيّنت أسباب تغيّر العرف ، ثم وجوب تغيّر الأحكام والفتاوى بتغيّر العرف ، ثم تعرضت في المبحث الثالث للعُرف وتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية : فتحدثت عن المصلحة الشرعية ومراعاة العُرف ، ثم علاقة العُرف بمقاصد الشريعة الإسلامية ، وأنهيت بخاتمة تضمنت أبرز النتائج .
العرف، الشرع، القانوف، الطلاق، الشريعة.