مجلة الحكمة للدراسات الأدبية واللغوية
Volume 1, Numéro 4, Pages 17-33
2013-12-01
الكاتب : أمحمد العماري. .
يعدّ مصطلح الشعرية من المصطلحات النقدية التي عرفت جدلا واسعا لدى النقاد المحدثين سواء على مستوى المفهوم، أو على مستوى مدى ملائمة مصطلح الشعرية لذلك المفهوم وأحقيته على باقي المصطلحات الأخرى التي تحمل المفهوم نفسه تقريبا وفي مقدمتها الأدبية و الإنشائية وفن الشعر... الخ. فبالنظر إلى مادته الاشتقاقية فإن مصطلح الشعرية مكوّن من حروف هي (ش، ع، ر) والتي دلّت على الشعر والشعور في مختلف المعاجم العربية1. ولعّل هذا من الأسباب* التي جعلت العرب القدامى يربطون مصطلح الشعرية بالشعر دون بقية الأجناس الأدبية الأخرى فضلا عن أسباب أخرى نتطرق إليها في حديثنا عن جذور الشعرية اللاحق. لكن الواضح أن مصطلح الشعرية - اليوم- يتقاطع كثيرا مع مفهومه في التراث الغربي، إذ أن مصطلح الشعرية يتضح أساسا من خلال المسعى الذي تصبو إليه، حيث تسعى الشعرية نحو البحث عن القوانين العامة التي تبني فرادة النص الأدبي كما أنها تبحث عن تلك القوانين داخل الأدب ذاته وليس خارجه. وبهذا المفهوم تقترب الشعرية من عملية التلقي، أو القراءة، أو فلنقل التأويل. كما أنها تحاول أن تقدم قراءة في إطار نظرية تستجيب لغاية علمية و فتية في آن واحد فهي تساير العلمية لأنها تقوم على الملاحظة والبرهنة ثم هي فنية لأنها تؤمن بأن العمل الأدبي فن لا يمكن تقييده. إذن الشعرية جاءت كمسعى يهدف إلى وضع حدّا بين التوازي بين التأويل والعلم في حقل الدراسات الأدبية وهو ما يشير إليه تزفيطان طودورف في كتابه الشعرية إذ يقول: " وجاءت الشعرية فوضعت حدّا للتوازي القائم على هذا النحو بين التأويل والعلم في حقل الدراسات الأدبية، وهي بخلاف تأويل الأعمال النوعية، لا تسعى إلى تسمية المعنى، بل إلى معرفة القوانين العامة التي تنظم ولادة كلّ عمل، ولكنها بخلاف هذه العلوم التي هي علم النفس و علم الاجتماع... الخ، تبحث عن هذه القوانين داخل الأدب ذاته، فالشعرية إذن مقاربة للأدب " مجردة "و " باطنية " في الآن نفسه "2.
الشعرية، اتجاهات الشعرية...
سعيدون ليليا
.
ص 144-157.