دراسات استراتيجية
Volume 7, Numéro 15, Pages 135-147
2011-06-01
الكاتب : مليكه بوجيت .
البحث في المنابع الفكرية والحضارية لظاهرة سياسية أو اجتماعية، خطوة أولية لا يمكن تجاوزها لإزالة الغموض عن بعض الإشكالات التي قد تثار بشأنها واستيعاب اختلاف وتمايز بعض خصائصها من مجتمع لآخر ومن حقبة تاريخية لأخرى، فلا جدال حول أهمية المقاربة النظرية والتاريخية في فهم الظواهر الإنسانية،لا سيما في مجال الظاهرة السياسية أين يشكل السياق الحضاري والتاريخي بمضامينه الفكرية والعملية،عاملا مساعدا على إدراك خلفيات وتطورات وأبعاد الظاهرة قيد الدراسة، خاصة إذا تعلق الأمر بموضوع الديمقراطية وبإحدى أهم آلياتها كالمشاركة السياسية. كأي ظاهرة إنسانية شكلت فكرة المشاركة السياسية محور اهتمام الفكر السياسي المتنوع الروافد الحضارية لما تعكسه من قيم هي مبتغى السلوك السياسي للفرد والجماعات عبر مختلف العصور والمجتمعات، وإشكالية لدى المفكر السياسي في بحثه المستمر عن أسس الحكم العادل في ظل استمرارية المفارقة السياسية التي ترى أنه لا مجتمع بدون سلطة تسهر على تأمين حمايته وتلبية حاجاته وإدارة شؤونه، اعتبارا من كون السياسة فن إدارة شؤون الآخرين من قبل سلطة تملك في يدها وسائل القوة المادية والمعنوية لتحقيق هذه الأهداف. مع استحالة وجود سلطة دون إمكانية تعسفها في استخدام تلك الوسائل واحتمالية انتهاك حقوق المحكومين. لقد شكل البحث في هذه المسألة جوهر إشكالية ونقطة تقارب إسهامات مختلف مصادر الفكر السياسي الإنساني الرامية إلى الرقي بمستوى السلوك السياسي للحاكم والمحكوم من خلال إقرار سبل سياسية وتنظيمية تؤمن حق الفئات الاجتماعية كافة في الحياة العامة، وضمان مشاركتها في صياغة طموحاتها والسهر على احترامها في إطار ما يخوله القانون وما يعكس إرادة العامة. لهذا تحاول هذه الورقة تسليط الضوء على إسهامات الفكر السياسي العربي الإسلامي في بناء وبلورة منظومة مفاهيمية لمبدإ المشاركة السياسية وفق المرجعية القيمية والتراث العربي الإسلامي. فلقد فتحت مسألة الديمقراطية وآلياتها المختلفة في مقدمتها المشاركة السياسية في المجتمعات العربية الإسلامية بابا واسعا على الجدل النظري حول عدم جدوى هذا المفهوم وخصوصيته في هذه البيئة، بين جملة من المفكرين العرب والمستشرقين*. حيث تشير العديد من الدراسات في هذا المجال حول استحالة وجود هذا المفهوم أو ما يعادله في التراث العربي الإسلامي، ومنه إمكانية تفسير فشل لكل محاولات بناء أنظمة حكم ومجتمعات قائمة على معايير وقيم الحوار والتسامح الفكري والسياسي، وحرية التعبير والاختيار ومناقشة الرأي الآخر، مستدلين على ذلك بما عرفه التاريخ العربي الإسلامي من تجارب كرست الحكم الاستبدادي. فقد انطبعت الحياة السياسية العربية منذ بواكير بالتفرد والفردية، وغياب المشاركة السياسية بمختلف مستوياتها كاختيار الحاكم أو تقديم المشورة أو إمكانية الاختلاف أو التعدد. إن هذه الادعاءات، وإن كانت تحمل في طياتها شيئا من الحقيقة، التي تعكس بالفعل بعض الانحرافات التي عرفتها التجربة السياسية للدولة الإسلامية خاصة بعد الخلافة الرشيدة نتيجة الحكام والأمراء الخارجة عن الذي وضعه الإسلام والفهم الخاطئ لمضامينه. إلا أن هذه الممارسات لا تمت بصلة لما جاء به الإسلام وما وضعه التشريع الإلهي من حقوق واحترام للشخصية الإنسانية، بكفالته لحرية التعبير والفكر والدين وإرساء مبادئ الشورى والمشاركة في الحياة العامة، ولكن رغم الانتقادات القائلة بأن تاريخ المجتمعات العربية ينفي وجود تنظيم مجتمعات سياسية على أساس من القيم الإنسانية المكرسة لمبدإ المشاركة والشورى وحرية التعبير وحق التمثيل السياسي، إلا أن التجربة السياسية لعرب ما قبل الإسلام وإن كانت على بساطتها إلا أنها تبطل كل المزاعم.
التراث . الاسلام. المجتمعات السياسية .الفكر .الحياة العامة
جعفورة مصعب
.
دلاسي امحمد
.
ص 22-40.
باية / السعيد بن جدي/ ملاح
.
ص 633-658.
زمام نور الدين
.
بن ققة سعاد
.
ص 149-169.