التراث
Volume 7, Numéro 1, Pages 116-128
2017-03-15
الكاتب : عيسي عتيقة .
مقدمة: إن الحمد لله حمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وأما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة، قال تعالى :(يا أيها الناس أفوا رئكم الي خلقكم من نفس واحدة ولق يها روحها و ينهما رجالا كويرا ونساء) إن الآية الكريمة تؤكد أن المجتمعات البشرية كان أصلها رجل وامرأة ربط بينهما عقد قران رباني؛ فشكل بذلك أسرة تأسرهم بضوابطها المعنوية من أجل حماية ورعاية ما ينتج عن علاقتهما الزوجية من أولاد، وهكذا دواليك حتى تشكلت المجتمعات البشرية بشي جنسيا قا المختلفة، فالأسرة إذن هي النواة الأولى لبناء المجتمع، وتعتبر لينة من لبناته المكونة لصرحه العظيم؛ وإن صلاح الأسر في المجتمع تشكل فيما بينها مجتمعا صالحا، في حين أن حلل بعض الأسر في المجتمع أو معظمها يشكل خللا فيه، فالمجتمع إذن مرتبط ارتباطا مطردا بالأسر المكونة له؛ لأن الأسرة "عماد المجتمع ، وهي أساس بنائه، والإسلام هو دين الفطرة وشريعة الحياة ...أولى الأسرة عناية خاصة تتلاءم مع مكانتها في المجتمع ورسالتها في الحياة، فهي المنبت الطيب وهي المدرسة الأولى في حياة الطفل، حيث تغرس في نفسه كل الفضائل 2. هذا، وإن العالم في هذا القرن يشهد تغيرات عديدة على المجتمعات المختلفة سريعة ومتسارعة في جوانب مختلفة: العلمية منها والتكنولوجية، والاجتماعية، بل والأخلاقية .... وهذا راجع بداية إلى الانفتاح العالمي؛ بسبب انتشار وسائل الإعلام والاتصال: ومن أهم هذه الوسائل الهوائيات المقعرة والشبكة العنكبوتية، التي جعلت من المجتمعات المترامية الأطراف كقرية صغيرة خيط أهلها بما يدور فيها، ويتصل بعضهم ببعض، ويصل التبادل الثقافي والاجتماعي والأخلاقي... بينهم، وهذا التبادل الحاصل بينهم يمكن أن يكون إيجابيا، كما يمكن أن يكون سلبيا إلى حد بعيد، وهو ما حصل في المجتمعات الإسلامية التي تأثر الكثير من أفرادها بالمجتمعات الكافرة، مما جعل الكثير منهم ينحرفون عن تعاليم الدين الإسلامي وأخلاقياته، و تا هوا بين الثقافات العربية الواردة إليهم؛ وفي خضم هذا الاجتياح للثقافة العربية غاب دور الأسرة التي أناطها الإسلام بتكاليف شرعية اتجاه أفرادها من أجل رعايتهم وحمايتهم؛ ليصلوا إلى بر الأمان وحافظوا على مجتمعاتهم الإسلامية، ومن آثار هذا الغياب الملحوظ لدور الأسرة في توجيه أفرادها وفق تعاليم الإسلام تزعزع النظام العام للمجتمعات الإسلامية، وامتزجت التقاليد الغربية بالأخلاق الإسلامية، ومن أجل الخروج من هذا المأزق الخطير كان لزاما على الأسرة المسلمة أن تستعيد دورها كمحرك فعال للأفراد داخل المجتمعات، ومن خلالها تحاول المجتمعات السيطرة على الوضعية المتردية في المجتمعات الإسلامية.
التربية، المجتمع، الأسرة، التعاليم، السيطرة.
نصر سلمان
.
ص 119-130.
محبوب فرحات
.
ص 269-280.