مقاليد
Volume 3, Numéro 5, Pages 177-190
2013-12-31
الكاتب : فرحات الأخضري .
لقد عرض الفلاسفة المسلمون بدورهم نظرية المحاكاة في شروحهم لكتـاب أرسطـو (فن الشعر) و أبدوا كثيرا أو قليلا من الدقة في استعمال المصطلح " محاكاة " للدلالة على النظرية؛ كما ميزوا بين أنواع فيها حين تحدثوا عن المحاكاة و التخيل و التمثيل والصور و الخرافة. (1) فأبو نصر الفارابي يستهل رسالته في قوانين صناعة الشعراء بالحديث و التمييز بين جملة من الأقاويل، و منها الأقاويل الشعرية " فالأقاويل منها ما هي جازمة، ومنها ما هي غير جازمة. و الجازمة منها ما هي صادقة، و منها ما هي كاذبة؛ و الكاذبة: منها ما يوقع في ذهن السامعين الشيء المعبر عنه بدل القول، ومنها ما يوقع فيه المحاكى للشيء، و هذه هي الأقاويل الشعرية. ". (2) ثم يردف مميزا بين أنواع المحاكاة في الشعر فيقول: " و من هذه المحاكية ما هو أتم محاكاة، و منها ما هو أنقص محاكاة" (3). كما يراوح الفارابي بين المحاكاة و الإيهام والتمثيل حين يرى أن: " الحال التي تعرض للناظر في المرائي و الأجسام الصقيلة فهي الحال الموهمة شبيه الشيء"(4) ثم هو يعتبر القول الشعري أحد فرعي القياس الذي هو بالقوة، والذي يكون إما استقراء و إما تمثيلا: "و التمثيل أكثر ما يستعمل إنما يستعمل في صناعة الشعر، فقد تبين أن القول الشعري هو التمثيل"(5) و يعرض علينا الفارابي تقسيما آخر للقياسات و الأقاويل: فمنها الأقاويل البرهانية و منها الأقاويل الجدلية، و الأقاويل الخطبية، و كذا الأقاويل السوفسطائية، و الأقاويل الشعرية و هي جميعها تشترك في كونها أنواعا من السولوجسمـوس. و بعد أن يعرض بالشرح لتنوع الأقاويل الشعرية بالوزن وبالمعاني و يعدد أصناف أشعار اليونانيين يستعمل من جديد المحاكاة بمعنى التشبيه وذلك أثناء حديثه عن الطبع والروية في صناعة الأشعار"إن الشعراء إما أن يكونوا ذوي جبلة وطبيعة متهيئة لحكاية الشعر و قولـه و لهم تأت جيد للتشبيه والتمثيل..." (6) و هؤلاء "غير مسلجسين بالحقيقة لما عدموا من كمال الروية والتثبت في الصناعة" و" إما أن يكونوا عارفين بصناعة الشعـراء حـق المعرفــة ... و يجودون التمثيلات و التشبيهات بالصناعة وهؤلاء هم المستحقون اسم الشعراء المسلجسين". (7)
نظرية المحاكاة عند الفلاسفة المسلمين
د/ حسين كتانة
.
ص 133-146.
عبد السلام خواخي
.
ص 79-103.