مقاليد
Volume 1, Numéro 2, Pages 205-220
2011-12-31

تأثر الشعرية العربية بالمناهج الغربية الحداثية

الكاتب : محمد سعدون .

الملخص

تناول تعريف هذا المصطلح كثير من النقاد المهتمين بموضوع الشعرية، مثل: تودوروف، ياكبسون، وكوهين ...وغيرهم، وفي محاضرة ألقاها رابح بوحوش في ندوة حول السيميائيات، الموسومة بـ"البدائل اللسانية في الأبحاث السيميائية الحديثة" بجامعة عنابة عام 1994م، تطرق إلى تحديد المصطلح (..والشعرية بوصفها علما لدراسة الوظيفة الشعرية "Poétique" يمكن ترجمتها إلى الإنجليزية بمصطلح "Poétics" وهو المصطلح الأكثر وضوحا وتميزا، وذلك بأنه يمكن تقطيعه إلى جزئين، عملا بتوصيات ندوة اللسانية التي عقدت بتونس عام 1978م القاضية بطريقة عبد الرحمن الحاج صالح، بتقسيم المصطلح إلى جزئين، الأول "Poétic" وتعني "شعري"، والثاني "S" وهي علامة الجمع في اللغة الإنجليزية على الوجه القياسي، فيصير المصطلح "شعري"، في صيغة جمع الإناث "شعريات" على صيغة سيميائيات، لسانيات، ودلاليات ...إلخ). وهناك من النقاد من يرى أن هذا المصطلح مأخوذ من أصل الموضوع المدروس وهو الشعر"La poésie"، وقد تعدد مصطلح الشعرية وتعددت استعملاته في الكتابات النقدية : الشعرية، الشاعرية، الجمالية، الإنشائية، الأدبية، اللغة العليا، الميتالغة أو اللغة الواصفة، علم الأدب، فن النظم، فن الشعر...إلخ، مع اختلاف النقاد في تبني هذه المصطلحات حسب قناعاتهم العلمية، كما اختلفوا في تحديد مفهوم دقيق للشعرية (..إن الشعرية إذن، علم غير واثق من موضوعه إلى حد بعيد، ومعايير تعريفها هي إلى حد ما غير متجانسة، وأحيانا غير يقينية...) ، وورد المصطلح عند النقاد العرب القدماء بألفاظ متنوعة كالتخييل، والانزياح، والانحراف والتوسع أو الاتساع، والعدول، والنظم، ومعنى المعنى ...وغير ذلك من الألفاظ المعبرة عنها. وينبغي أن ندرك مبدئيا، أن الحديث عن الشعرية، لا يتم إلا عن طريق صيغ وتعابير فنية، وحينئذ تتراءى أطيافها بصورة أثيرية ملائمة لها، لا تتجسم بالكلمات القاموسية أو المصطلحات العلمية، لأن أصل الشعرية نتاج تخيلي يقترب كثيرا من التصورات الفلسفية التجريدية، لا يخضع إلا للفن والذوق والخيال، فالشعرية صور تشبه (الحلم) حسب وصف بعض العلماء لها، تصطنعه الألفاظ أو الألوان أو الأنغام الموسيقية أو تناسق الأشياء والموجودات البصرية أو الرؤى التجريدية (..فالشعر ليس عملا ولكنه شعر، والتعامل معه لا بد أن يكون شعريا، ولن يكون بوسع القارئ إلا أن يتحول إلى شاعر كي يستطيع النفاذ إلى عالم النص الشعري...) ، ويرى محمد الغذامي أيضا أن الشعرية مشروع طموح ويستعمل في تسميتها مصطلح "لغة اللغة" (..وما ذاك إلا مشروع طموح لابتكار لغة اللغة وهو قمة العطاء الأدبي الجمالي...) ، وقد دأب معظم نقاد الشعريات على تجريد الشعرية من الجمالية، وهو عنصر مهم سوف يعرض لاحقا في سياقه الخاص. وكلمة "شعرية" لا تقتصر على الشعر فحسب (..على الرغم من تسميتها، فإن الوظيفة الشعرية لا تنحصر في الشعر، ولكنها تظهر في كل أشكال اللغة...) ، بل إن المشهودات الواقعية الملموسة أيضا تتولد عنها أنواع من الشعرية المتباينة، من خلال الرؤى الذهنية والتخيلية المختلفة، حسب عوامل كثيرة متعددة ومتداخلة، كاللون والشكل والتناسق والصوت واختلاف تصورات الأشخاص والثقافات والبيئات والأزمنة والظروف والملابسات الاجتماعية وغير ذلك من العوامل الأخرى، فليس للشعرية نمطية ثابتة أو أنماط محددة مشتركة بين الأفراد، وهذه الطبيعة في عدم الثبات للشعرية جعلت منها موضوعا مستعصيا على الباحثين والنقاد (..وحسب شكلوفسكي فإن اللغة الشعرية ينبغي أن تبدو غريبة وصعبة، بل غامضة لجذب الانتباه، ولإنشاء إدراك حسي خاص بالشيء...). وتبقى تلك البحوث العلمية والتجريبية التي يعتمدها علماء الشعريات قاصرة دون الوصول إلى نتائج نهائية، وتظل الشعرية نائية عن القياسات والقوانين العلمية، ومن ثمة (..فاللفظة (الشعرية) لا تمتلك مقومات الاصطلاح، وهي غير مشبعة بمفهوم معين...). وهكذا فقد تأبت الشعرية على الدراسات الإبستمولوجية المختلفة، نظرا لكونها لا تخضع في طبيعتها للمعرفة الإمبريقية (اكتساب المعرفة عبر التجربة الميدانية والعلمية).

الكلمات المفتاحية

تأثر الشعرية العربية . بالمناهج الغربية الحداثية